ومن الضوابط: قول مستقى من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا ذهبتم إلى الصلاة فاذهبوا وعليكم السكينة والوقار فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا).
وهذا حديث عظيم جداً، فهو يبين لنا أن المرء يدرك الجماعة بأدنى شيء، ولو بالتشهد الأخير؛ لأنه قال: ما أدركتم، وهذا اللفظ يدل على العموم، يعني: سواء أدركت التشهد أو أدركت الركوع أو أدركت السجود أو أدركت التسبيح، أو أدركت لحظة قبل السلام.
وهذا الحديث عمل به الجمهور، وقالوا: إذا أدرك المسبوق الإمام في التشهد الأخير فليجلس ويكون قد أدرك الجماعة، وله ثواب الجماعة.
وخالف في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وقال: لا تدرك الجماعة إلا بركعة تامة، والركعة التامة تدرك بالركوع عند الجمهور.
فكأنه قال: إذا دخل محمد على الإمام أحمد فوجد الإمام في التشهد الأخير فلا يدخل معه، بل ينتظر حتى يسلم الإمام، ثم ينشئ جماعة أخرى، وهذا الذي أخذ به علماء الحجاز، ودليلهم في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة).
وفي رواية: (من أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة)، أو قال: (من أدرك الركوع فقد أدرك الصلاة).
مفهوم المخالفة: أنه إذا لم يدرك الركوع لم يدرك الصلاة، فلا يعتد بهذه الجماعة، وهذا المفهوم قوي جداً، لكنه مردود عليه بفضل الله سبحانه وتعالى؛ لأن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أدرك الركوع فقد أدرك الصلاة) أي: كتبت له الركعة، ولا يقصد بالصلاة الجماعة، أو الصلاة كلها.
فإذاً: الجماعة يدركها المسبوق ولو بالتشهد الأخير خلافاً للحنابلة، وتطبيقاً لهذا الضابط.