أما إذا زنى بامرأة وولدت، ثم تاب وتابت، وأرادا أن يتزوجا من بعض وأن يستلحقا الولد، ويكفرا عما فعلا، فنقول: له أن يتزوج بها إذا تاب وتابت؛ لأن الله تعالى قال: {الزَّانِي لا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور:3]، ومعروف أن التوبة تجب ما قبلها، فالمؤمن يتزوج المؤمنة، فمسألة الزواج لا إشكال فيها.
لكن هل يحل له أن يستلحق الولد، أي: أن ينسب الولد له؟ فهذا فيه خلاف بين الفقهاء، فالأئمة الأربعة قالوا: لا يجوز أن يستلحقه، عملاً بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: (الولد للفراش وللعاهر الحجر) وهذا قاطع عام.
وأما شيخ الإسلام ابن تيمية فقد رجح الاستلحاق، فقال: يجوز أن ينسب لأبيه إن تاب وتابت وتزوجها، واستدل على ذلك بالنظر، فإن الولد من مائه، وهو قد تاب عن معصيته فيستلحق.
أقول: قول شيخ الإسلام ابن تيمية فيه نظر -مع أنه أرحم ما يكون في عصرنا هذا- لكن لا أدين الله بذلك، إذ النظر لو خالف الأثر فإننا لا نأخذ به، ولا بأي شيء يصادم الأثر حتى ولو كان من القوة بمكان؛ لأننا نتعبد لله بقال الله قال رسوله، ونحن نأخذ بالمعاني ونأخذ بالنظر، لكن هذا النظر سيلغي لنا كل الأثر، فلا يجعلنا نعمل بظاهر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (الولد للفراش وللعاهر الحجر)، فلا يجوز استلحاقه، بل يسمى تسمية مطلقة مثل: صالح بن عبد الله، أو زيد بن عبد الرحمن، أو نحو ذلك، أما الاستلحاق فلا يجوز لهذه القاعدة العظيمة: (الولد للفراش وللعاهر الحجر).
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.