إن الاستدامة أقوى من الابتداء، فيغتفر فيها ما لا يغتفر في الابتداء.
أي الحكم في الاستدامة يصح ولا يصح في الابتداء، وهذا مأخوذ من حديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت: (طيبت النبي صلى الله عليه وسلم لحله ولإحرامه).
أي: كان النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحرم يرتدي رداء تطيبه عائشة حتى قالت: كنت أرى الطيب في مفرق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم.
ومعلوم أنه لا يجوز بحال من الأحوال أن يتطيب المحرم، والدليل على ذلك قصة الرجل الذي وقصته ناقته فمات فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تمسوه طيباً) وحديث ابن عمر ظاهر جداً في أن المحرم لا يرتدي ثياباً مسها طيب أو زعفران، فهذه أدلة واضحة جداً على أن المحرم لا يجوز له أن يتطيب.
وجاء في حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم تطيب قبل أن يحرم، فلما أحرم وقال: لبيك اللهم بعمرة، وجد الطيب في مفرق رأسه صلى الله عليه وسلم، فهل يجب عليه أن يغسل هذا الطيب؟
صلى الله عليه وسلم لا؛ لأنه يجوز في الاستدامة ما لا يجوز في الابتداء, فلو تطيب قبل أن يحرم ودام الطيب معه، فإننا لا نلزمه بالغسل؛ لأنه استدامه فقط، ولم يبتدئه ابتداءً.