الشرط الثاني: عدم مخالفة الإجماع: فلا يكون الخروج من الخلاف بأن تأتي بصورة تخرق الإجماع مركباً فيها أقوال المختلفين بحجة مراعاة الخلاف، وقد نقلوا عن ابن سريج أنه أخذ بالأقوال الثلاثة في مسألة مسح الأذن مع الوجه على قول، وعلى القول الآخر أن الأذنان من الرأس؛ للحديث (الأذن من الرأس) على الخلاف في صحته، وعلى قول ثالث أن الأذن عضو مستقل، فأخذ مراعياً هذا القول، وبعد أن انتهى من وضوئه غسل أذنيه غسلاً مستقلاً، فيكون قد غسل الأذن ثلاث مرات، وهذا خلاف الإجماع.
فالخروج من الخلاف ليس مستحباً هنا لأنه يخرق الإجماع.
كذلك في مسألة الذهب المحلق إذا قلنا بقول بعض المشايخ الفضلاء بتحريمه، فستخرق اتفاق علماء الأمة على إباحته، فلا يراعي خلاف من قاله، فنحرمه على المرأة.
وأما مسألة قراءة الفاتحة خلف الإمام فالشافعية والحنابلة يقولون بقراءة الفاتحة خلف الإمام في الجهرية وفي السرية, والأحناف قالوا: لو لم يقرأ في السرية والجهرية فصلاته صحيحة، وأما المالكية ففرقوا بين الجهرية وبين السرية.
فالخروج من الخلاف في هذه المسألة مستحب؛ وذلك بأن تقرأ الفاتحة في السرية وفي الجهرية؛ لأنك لو فعلت ذلك ما لامك الأحناف في السرية، ولو قرأت في الجهرية لامك المالكية، فحتى لا يلومونك فتقرأها في سكتات الإمام، وتكون بهذا قد خرجت من الخلاف, فهذا الخلاف خلاف معتبر، وهو خلاف تنوع, وفيه تكون المناظرة لوجود راجح فيه ومرجوح.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.