أي: إذا منعنا أمراً محرماً؛ لأنه يؤدي إلى محرم أبحناه للمصلحة الراجحة.
والأمثلة على ذلك: أن النظر إلى المرأة حرام، والمفسدة هي الفتنة بهذه المرأة.
فإذا منع النظر للنساء لأنه يؤدي إلى الزنا، فإننا نبيح النظر إلى النساء إذا وجدت المصلحة الراجحة، كأن تكون امرأة مريضة وجهها فيه مرض، فلابد أن يكشف الطبيب عليها بأن ينظر إلى موضع العلة وينظر إلى الوجه، فأبيح النظر إلى المرأة للمصلحة الراجحة وهي: علاج المرأة.
ومن صور هذه القاعدة العظيمة أيضاً: ارتداء المرأة للحلي ولبس المرأة للخلخال والضرب برجلها في الأرض، فهذا يجوز للمرأة للمصلحة الراجحة في ذلك وهي: التزين للزوج.
ومن صور هذه القاعدة العظيمة الصلاة في المسجد النبوي.
وأنا قصدت هذه القاعدة بالذات من أجل هذا الأمر؛ لأنه ظهر على الساحة كثير ممن ينكرون على من ينكر الصلاة في القبور فيقول: إن عندكم قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد النبوي، فكيف تصح الصلاة فيه؟ فنقول لهم: المنع من الصلاة في المسجد الذي فيه قبر ليس منعاً لذاته ولكن لغيره، أي لما يؤدي إليه وهو الخوف من الشرك، وهناك مصلحة أعظم من هذه المفسدة المظنونة، وهذه المصلحة هو أن الصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة، وهذه المصلحة لا تجدها في أي مسجد آخر إلا المسجد الحرام، فهذه مصلحة أعظم وأرجح.
فنقول: المنع كان خوفاً من مفسدة فيباح من أجل المصلحة الراجحة، وهي أن الصلاة بألف صلاة.
وأيضاً نقول: الخوف من الشرك في المسجد النبوي بالذات ممنوع كوناً وشرعاً، أو قل: قدراً وشرعاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا وقال: (اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد) ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم مستجاب.
وأيضاً النبي صلى الله عليه وسلم نهى وقال (لا تجعلوا قبري عيدا) فالخوف من الشرك ممنوع شرعاً وقدراً، فهذه المفسدة منتفية.