تعمل هذه القاعدة العظيمة في العقائد، وأولها ورأسها وركنها وأساسها: عدم الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك في الأولياء.
ورأس هذه المسألة حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله).
فجمع بين منزلة العبودية ومنزلة الرسالة، وهذا ليس غلواً ولا إفراطاً ولا تفريطاً بل إن هذا حديث عظيم نعمل به، فلا نرفعه لمقام الربوبية ولا ننزل من قدره عن مقام الرسالة.
فهذه -كما قلت- صورة من صور سد الذرائع، فليس لك أن تغلو في رسول الله وترفعه عن مقام النبوة، وهذا يظهر جليا في قول القائل عندما قال: فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم فهذا غلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد رفع مكانه إلى مكان الربوبية، وعندما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: أنت السيد، قال: (إنما السيد الله) وقالوا: أنت خيرنا وابن خيرنا فقال: (قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستهوينكم الشيطان).
فلا يصح أن نقول: إنه يعلم الغيب، أو يتحكم في بعض الأفلاك، أو له الشفاعة عند الله جل في علاه بدون إذن الله، والدليل حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تطروني كما أطرت النصارى) قاعدة سد الذريعة؛ لأن الغلو في رسول الله يصل بالمرء إلى أن يرفعه من مقام العبودية إلى مقام الربوبية.
وتعمل هذه القاعدة في الصلاة في المساجد التي فيها قبور، فالنبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته قال: (ألا لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا إني أنهاكم عن ذلك) ونهى عن الصلاة في المقبرة أو المسجد الذي فيه القبر، فهذا النهي جاء سداً للذريعة.
وقد يسأل السائل طالب العلم: أي ذريعة يسدها النبي صلى الله عليه وسلم في منعه للصلاة في المسجد الذي فيه القبر؟
و صلى الله عليه وسلم الذريعة هي ذريعة الشرك ومخافة أن يحدث الغلو في المقبور، وأن يعتقد فيه اعتقاداً باطلاً شركياً.