إذا أمر الله بشيء كان ناهياً عن ضده، وإذا نهى عن شيء كان آمراً بضده، وإذا أثنى على نفسه أو على أوليائه وأصفيائه بنفي شيء من النقائص كان ذلك إثباتاً للكمال.
وذلك: بأنه لا يمكن امتثال الأمر على وجه الكمال إلا بترك ضده، فحيث أمر بالتوحيد والصلاة والزكاة والصوم والحج وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والعدل والإحسان، كان ناهياً عن الشرك وعن ترك الصلاة وترك الزكاة وترك الصوم وترك الحج وعن العقوق والقطيعة والظلم والإساءة، وحيث نهى عن الشرك وترك الصلاة. . . إلى آخر المذكورات. كان آمراً بالتوحيد وفعل الصلاة إلى آخرها.
وحيث أمر بالصبر والشكر، وإقبال القلب على الله إنابة ومحبة وخوفاً ورجاء، كان ناهياً عن الجزع والسخط وكفران النعم وإعراض القلب عن الله في تعلق هذه الأمور بغيره. وحيث نهى عن الجزع وكفران النعم وغفلة القلب، كان آمراً بالصبر إلى آخر المذكورات.
وهذا ضربُ مثلٍ، وإلا فكل الأوامر والنواهي على هذا النمط، وكذلك المدح لا يكون إلا بإثبات الكمالات، فحيث أثنى على نفسه، وذكر تنزهه عن النقائص والعيوب: كالنوم والسِّنة واللُّغوب والموت، وخفاء شيء في العالم من الأعيان والصفات والأعمال وغيرها، والظلم والعبث واللعب وخلق شيء باطلاً وأن يكون عطاؤه أو جزاؤه جزافاً بلا حكمة، فَلتَضمن ذلك الثناء عليه بكمال حياته، وكمال قيوميته، وقدرته، وسعة علمه، وكمال عدله وحكمته؛ لأن العدم المحض لا كمال فيه، حتى ينفي تكميلاً للكمال.