وهذه القاعدة تكاد تكون هي المقصود الأعظم في علم التفسير وذلك أن القرآن مشتمل على علوم متنوعة، وأصناف جليلة من العلوم. فعلى العبد أن يعرف المقصود من كل نوع منها، ويعمل على هذا، ويتتبع الآيات الواردة فيه، فيحصِّل المراد منها: علماً وتصديقاً وحالاً وعملاً
فأجلُّ علوم القرآن على الإطلاق: علم التوحيد، وما لله من صفات الكمال، فإذا مرت عليه الآيات في توحيد الله وأسمائه وصفاته أقبل عليها، فإذا فهمها وفهم المراد بها أثبتها لله على وجه لا يماثله فيه أحد، وعَرَفَ أنه كما ليس لله مثيل في ذاته فليس له مثيل في صفاته، وامتلأ قلبه من معرفة ربه وحبه بحسب علمه بكمال الله وعظمته. فإن القلوبَ مجبولةٌ على محبة الكمال، فكيف بمن له كل الكمال؟ ومنه جميع النعم الجِزَال. ويعرف أن أصل الأصول هو الإيمان بالله، وأن هذا الأصل يقوى ويكمل بحسب معرفة العبد لربه، وفهمه لمعاني صفاته ونعوته وامتلاء القلب بمعرفتها ومحبتها.
وأيضاً يعرف أنه بتكميله هذا العلم تكمل علومه وأعماله. فإن هذا هو أصل العلم وأصل التعبد.
ومن علوم القرآن: صفات الرسل وأحوالهم، وما جرى لهم وعليهم، مع من وافقهم ومن خالفهم. وما هم عليه من الأوصاف الوافية. فإذا مرت عليه هذه