لما كان الإيمان أصل كل الخير كله والفلاح، وبفقده يفقد كل خير ديني ودنيوي وأخروي، أكثر الله من ذكره في القرآن جداً: أمراً به، ونهياً عن ضده، وترغيباً فيه، وبياناً لأوصاف أهله، وما لهم من الجزاء الدنيوي والأخروي.
فأما إذا كان المقام مقامَ خطاب للمؤمنين بالأمر والنهي، أو مقامَ إثبات الأحكام الدنيويه بوصف الإيمان، فإنها تتناول كل مؤمن، سواء كان متمما لواجبات الإيمان وأحكامه، أو ناقصاً في شيءٍ منها.
وأما إذا كان المقام مقام مدح وثناء وبيان الجزاء الكامل للمؤمن: فإنما المراد بذلك المؤمن حقاً الجامع لمعاني الإيمان (?) .
وهذا هو المراد بيانه هنا. فنقول:
وصف الله المؤمن في كتابه باعترافه وتصديقه بجميع عقائد الدين وبإرادة ما يحبه الله ويرضاه، وبالعمل بما يحبه الله ويرضاه، وبترك جميع المعاصي، وبالمبادرة بالتوبة مما صدر منه منها، وبأن إيمانهم أثر في أخلاقهم وأقوالهم وأفعالهم الآثار الطيبة.
فوصف المؤمنين بالإيمان بالأصول الجامعة: وهي الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وأنهم يؤمنون بكل ما أتت به الرسل كلهم ويؤمنون بالغيب، ووصفهم بالسمع والطاعة، والانقياد ظاهراً وباطناً، ووصفهم بأنهم: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ