تنفع. ولكن قصر الآية على هذا غلط (?) ، فنفع الذكرى إذا كان يحصل بها الخير كله أو بعضه أو يزول بها الشر كله أو بعضه. فأما إذا كان ضرر التذكير أعظم من نفعه فإنه منهي عنه في هذه الحالة، كما نهى الله عن سب آلهة المشركين إذا كان وسيلة لسب الله. وكما ينهى عن الأمر بالمعروف إذا كان يترتب عليه شر أكبر أو فوات خير أكثر من الخير الذي يؤمر به، وكذلك النهي عن المنكر إذا ترتب عليه ما هو أعظم منه من شر أو ضرر. فالتذكير في هذه الحال غير مأمور به بل منهي عنه، وكل هذا من تفصيل قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ} [النحل: 125] فعُلم أن هذا قيد مراد ويرتبط الحكم به ثبوتاً وانتفاء والله أعلم.
ومنها قوله تعالى: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقّ} [البقرة: 61] مع أنه لا يقع قتلهم إلا بغير الحق. فهذا نظير ما ذكره في الشرك، وأن هذا إنما هو لتشنيع هذه الحالة التي لا شبهة لصاحبها، بل صاحبها أعظم الناس جرماً، وأشدهم إساءة.
وأما قوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الأنعام: 151] فليست من هذا النوع وإنما هي من النوع الأول الذي هو الأصل، [والحق] الذي قيّدها الله به جاء مفسَّراً في قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (النفس بالنفس، والزاني المحصن، والتارك لدينه المفارق لجماعة) . [رواه البخاري [6878] ومسلم [1676]]
ومنها قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] مع أن فقد الماء ليس من شرطه وجود السفر، فإنه إذا فُقد جاز التيمم حضراً وسفراً، ولكن ذكر السفر لبيان الحالة التي يغلب أن يفقد فيها الماء، أما الحضر فإنه يندر فيه عدم وجود الماء جداً.
ومن هذا السبب ظن بعض العلماء أن السفر وحده مبيح