وقد وصفه الله تعالى بكل واحدة من هذه الأوصاف الثلاث.
فوصفه بأنه محكم في عدة آيات، وأنه: {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود: 1] ومعنى ذلك أنه في غاية الإحكام ونهاية الانتظام، فأخباره كلها حق وصدق، لا تناقض فيها ولااختلاف، وأوامره كلها خير وبركة وصلاح، ونواهيه متعلقة بالشرور والأضرار والأخلاق الرذيلة والأعمال السيئة فهذا إحكامه.
ووصفه بأنه متشابه في قوله من سورة الزمر: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً} [الزمر: 23] أي: متشابها في الحسن والصدق والحق، ووروده بالمعاني النافعة المزكية للعقول، المطهرة للقلوب، المُصلحة للأحوال، فألفاظه أحسن الألفاظ ومعانيه أحسن المعاني.
ووصفه بأن {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: 7] فهنا وصفه بأن بعضه هكذا وبعضه هكذا، وأن أهل العلم بالكتاب يردون المتشابه منه إلى المحكم، فيصير كله محكماً ويقولون: {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7] أي: وما كان من عنده فلا تناقض فيه، فما اشتبه منه في موضع، فسره الموضع الآخر المحكم، فحصل العلم وزال الإشكال.
ولهذا النوع أمثلة؛ منها: ما تقدم من الإخبار بأنه على كل شيء قدير، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه يهدي من يشاء ويضل من يشاء.
فإذا اشتبهت على من ظن به خلاف الحكمة، وأن هدايته وإضلاله يكون جزافاً لغير سبب