هذا الأصل الكبير: قرره الله في كتابه بالطرق المتنوعة التي يعرف بها كمال صدقه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأخبر أنه صدق المرسلين، ودعا إلى ما دعوا إليه، وأن جميع المحاسن التي في الأنبياء في نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وما نُزِّهوا عنه من النقائص والعيوب، فرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم أولاهم وأحقهم بهذا التنزيه، وأن شريعته مهيمنة على جميع الشرائع، وكتابه مهيمن على كل الكتب. فجميع محاسن الأديان والكتب قد جمعها الله في هذا الكتاب وهذا الدين، وفاق عليها بمحاسن وأوصاف لم توجد في غيره، وقرر نبوته بأنه أمي لا يكتب ولا يقرأ، ولا جالس أحداً من أهل العلم بالكتب السابقة، بل لم يَفْجَأ الناس إلا وقد جاءهم بهذا الكتاب الذي لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله ما أَتوا ولا قَدِروا، ولا هو في استطاعتهم ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا، وأنه محال مع هذا أن يكون من تلقاء نفسه، أو أن يكون قد تقوَّله على ربه، أو أن يكون على الغيب ظنيناً.
وأعاد القرآن وأبدى في هذا النوع، وقرر ذلك بأنه يخبر بقصص الأنبياء السابقين مطولة على جميع الواقع، الذي لا يستريب فيه أحد، ثم يخبر تعالى: أنه ليس له طريق ولا وصول إلى هذا إلا بما آتاه الله من الوحي، كمثل قوله تعالى لما ذكر قصة موسى مطولة {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ} [القصص: 44] ولما ذكر قصة يوسف وإخوته مطولة قال:
{وَمَا