وهذه القاعدة في القرآن كثير يذكرها في المقامات المهمة كالمقابلة بين الإيمان والكفر والتوحيد والشرك، وبين إلهية الحق وإلهية من سواه، ويذكر تباين الأوصاف التي يعرف العقلاء بالبداهة التفاوت بينها ويدع التصريح بالمفاضلة للعقلاء، قال تعالى: {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [يوسف: 39] ، {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ {59} ، أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [النمل: 59-60] ، والآيات التي بعدها: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً} [الزمر: 29] ، {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً} [هود: 24] ، وقال تعالى: {قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} [البقرة: 140] ، {قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس: 59] ، {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9] ، وقال قبلها: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [الزمر: 9] ، فهذا الموضع ترك القسم الآخر كما ترك التصريح بالمفاضلة، لعلمه من المقام، فقوله: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ} ، إلخ يعنى كمن ليس كذلك، والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهو من بلاغة القرآن وأسلوبه العجيب،