ثم يستحضر القدوم على الله والوفادة إليه وانتهاز فرصة التعرض لرحمته ومغفرته والعتق من النار، ويذهب إلى المسجد يدفعه الشوق والرغبة في الفضل، ويكدره الحياء من الله وخوف الرد والإعراض، ويطلب مساجد أهل السنة حتى يُوهَبَ للصالحين إن كان من غير المقبولين ثم يستحضر ما ذكرناه من وظائف عند الدخول في الصلاة وأثنائها.

أما محاسبة النفس على الطاعات فهذا من أنفع الوظائف التي يقوم بها العابدون في شهر رمضان، والأصل أن المحاسبة وظيفة لازمة للسالك طريق الآخرة، ولكنها تتأكد وتزداد في هذا الشهر.

والمحاسبة معناها: فحصُ الطاعة ظاهرًا وباطنًا، وأولاً وآخرًا، بحثًا عن الثمرة ليعرف مأتاها فيحفظَه، وقدرها فينميه، ووصولاً للنقص سابقًا، ليتداركه لاحقًا.

والمحاسبة تكون قبل العمل وأثناءه وبعده.

أما قبله فبالاستعداد له واستحضار ما قصّر فيه حتى يتلافاه، وأثناءه بمراقبة العمل ظاهرًا وباطنًا أوله وآخره، والمحاسبة بعد العمل بإعادة ذلك العمل.

وهذه المحاسبة إذا واظب عليها المرء صارت مسلكًا لا يحتاج إلى تكلّف ومعالجة وسيجد غِبَّ هذه المحاسبة وثمرتها تزايدًا في مقام الإحسان الذي سعى إليه كل السالكون وهي أن يعبد الله كأنه يراه.

ومثل هذه المحاسبة ينبغي أن تكون في الخفاء، يحاور نفسه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015