إذا كان الأصوليون يعرّفون العزيمة بأنها ما بُنيت على خلاف التيسير كالصوم في السفر لمن أطاقه، وعدم التلفظ بكلمة الكفر وإن قتل، فإن العزيمة عند أهل السلوك لها حظ من هذا المعنى فالعزيمة أو العزم عندهم هو استجماع قوى الإرادة على الفعل.
وكأن صاحب العزيمة لا رخصة له في التخلف عن القيام بالهمة، بل هو مطالب باستجماع قوته وشحذها حتى يطيق الأداء.
وغالب من تكلم في هذا الباب لم يشر إلى أهمية تمارين العزيمة أي تحفيز الهمة لتقوى على المجاهدة في الأزمنة الفاضلة، مع أن الشرع أشار إلى ذلك باستحباب صوم شعبان لتتأهب النفس وتقوى على صيام رمضان بسهولة.
وكان من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في قيام الليل أن يبدأ بركعتين خفيفتين حتى تتريض نفسه ولا تضجر.
وأشار الشاطبي في الموافقات إلى أن السنن والنوافل بمثابة التوطئة وإعداد النفس للدخول في الفريضة على الوجه الأكمل.
وكثير من الناس يعقد الآمال بفعل جملة من الطاعات في شهر رمضان فإذا ما أتى الشهر (أصبح خبيث النفس كسلان) وذلك لأنه لم يحل عقدة العادة والكسل والقعود.
فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ} .