المبحث الثاني
سبب التزام المكلف بالأحكام الشرعية
من رحمة الله بعباده أن جعل تطبيق الأحكام الشرعية تحصل به مصلحة الخلق في الدنيا والآخرة، فالأحكام الشرعية معللة بمصالح الخلق فضلاً من الله ورحمة منه بعباده (?).
وقد تظهر للمكلف هذه الحكمة التي شرع الحكم من أجلها، وقد تكون خافية عليه (?).
إلا أنه لا يحسن بالمكلف أن يمتثل الحكم الشرعي ومقصوده بامتثاله الحصول على المنفعة الدنيوية فقط، بل ينبغي أن يكون مقصوده وجه الله والدار الآخرة حتى يثاب على ذلك.
أما إذا قصد المكلف بفعله المنافع الدنيوية فقط فحينئذ لا يستحق عليه الأجر الأخروي (?) كما قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16)} [هود: 15، 16]، وقال: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18)} [الإسراء: 18].