القنوت (صفحة 119)

تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 152]

فهذه هي الأسباب الحقيقية وراء هزيمتكم، فلا ينفعكم لعن فلان لجلب نصرٍ، ولا استبعاد الهداية عن فلان لدفع هزيمة.

ثم إن في دندنة المسلم بلعن الكافرين صرف عن المقصود الأول، وعن الحكمة البالغة من الهزيمة، وهي تربية النفس، وإعادة البناء، والتنبه إلى وحدة الصف، وأهمية ذلك في النصر.

قال القرطبي (4 - 200):

"زعم بعض الكوفيين أن هذه الآية ناسخة للقنوت، وليس هذا موضع نسخ، وإنما نبّه الله تعالى نبيّه - صلى الله عليه وسلم - على أن الأمر كلّه لله، يتوب على من يشاء، ويعجل العقوبة لمن يشاء".

قلت: ومما يدل على هذا المعنى الدقيق العظيم في الآية، ما أتبعها الله بقوله: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 129] وفي هذه الآية تعقيب ظاهر على قوله سبحانه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015