الإيمان باليوم الآخر؛ ولذلك ذكر العلماء أن الإيمان بأشراط الساعة من الإيمان بالساعة، ويدل على هذا قوله تعالى: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} [محمد: 18].
والحديث عن أشراط الساعة مهم، ولا سيما إذا ابتعد الناس عن تذكر الآخرة واشتغلوا بالدنيا وملذاتها، فإن في أشراط الساعة المحسوسة ولا سيما التي ظهرت ورآها الناس بأعينهم كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يعيد الناس إلى ربهم ويوقظهم من غفلتهم.
ولقد يسر الله - عزَّ وجلَّ - فحصلت على كتاب متوسط الحجم يبحث في هذا الموضوع المهم - أعني: أشراط الساعة - بطريقة مختصرة مفيدة غير مخلة ألا وهو كتاب "القناعة فيما يحسن الإحاطة به من أشراط الساعة" للحافظ شمس الدين محمَّد بن عبد الرحمن السخاوي - رحمه اللهُ - المتوفى سنة (902 هـ).
والسخاوي من رجال الحديث الذين برزوا في التأليف والتصنيف ومعرفة الصحيح من الضعيف في القرن التاسع الهجري؛ وكان لذلك أثر واضح في إخراج هذا الكتاب وربطه بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وكثرة الأحاديث التي ذكرها في هذا الكتاب مع اختصاره، فإنَّه لسعة اطلاعه على حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - اتخذ طريقة موجزة في إيراد الأحاديث، وهي طريقة فريدة وإن كانت متعبة جدًّا للمحقق بعده، فإنَّه - رحمه اللهُ - يورد حديثًا واحدًا ثمَّ يفرع عليه ويدخل ضمنه أحاديث كثيرة جدًّا مقتصًرا على محلّ الشاهد، وفي ذلك اختصار شديد للكتاب؛ فخرج الكتاب لذلك متضمنًا لأكثر أشراط الساعة إن لم يكن لكل أشراط الساعة مع وجازته واختصاره.
فلما رأيت ذلك استعنت بالله على تحقيقه وإخراجه بصورة مرضية - إن شاء الله - مع اعترافي بالتقصير والعجز، ولكني حسبي أني قد بذلت وسعي في سبيل إخراج هذا الكتاب بصورة صحيحة مساعدة على الإستفادة منه - إن شاء الله -