المقدم: في بعض الروايات: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر)، والبعض قد يتساءل عن معنى العبارة الأخيرة: (ولا فخر).
الشيخ: كلمة: (ولا فخر) من حيث المعنى معناها: ولا أقول ذلك مباهاة، ولا ادعاء؛ لأن الفخر يكون بالجاه، أو المال، أو بالأشياء المنفكة عن الإنسان، وهي من حيث الصناعة النحوية حال مؤكدة.
وقوله عليه الصلاة والسلام: (ولا فخر) قد يظهر فيه عند البعض إشكال، وهو أن الناس يقولون: لا يحسن بالمرء أن يتحدث عن نفسه، فكيف يتحدث النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه؟ وأجاب العلماء -رحمهم الله- عن ذلك فقالوا: إنه حق له أن يقول: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر) ويتحدث عن نفسه لسببين: السبب الأول: أن الله أمره أن يتحدث بنعمة الله عليه، فقوله عليه الصلاة والسلام: (ولا فخر) أي: أن هذه المزية والكرامة خصني الله بها، فأنا أحدثكم بها لأن الله أمرني -وأنا ممتثل لربي- أن أتحدث بنعم الله علي، فقال له ربه سبحانه: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى:11]، وهو عليه الصلاة والسلام يمتثل أمر الله، ويخبر عن نعمة عظيمة أخبره الله بها، وفضله بها على غيره، وهو أنه سيد ولد آدم يوم القيامة.
وأما السبب الثاني: فإن النبي صلى الله عليه وسلم يخبر أمته بهذا حتى تتعبد الأمة ربه بتوقيره صلى الله عليه وسلم، وتعرف مقامه عند ربه، فتعلم هذا وتؤمن به، وتحفظ له مقامه ومكانته صلوات الله وسلامه عليه.
فهذان السببان هما اللذان قال العلماء: إنه من أجلهما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيد ولد آدم.
وأما ما بعدها فهو تبيين له.