الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين وإله الآخرين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من اقتفى أثره، واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.
نبدأ اللقاء بالحديث عن تجدد نشر الرسوم المسيئة لرسولنا صلى الله عليه وسلم، وقبل أن نذكرها نبين أصلاً عظيماً، وهو الله تبارك وتعالى وهو أصدق القائلين زكى نبيه صلى الله عليه وسلم وعصمه وأكرم مثواه وسيحسن برحمة الله منقلبه، وسيكون صلى الله عليه وسلم يوم القيامة صاحب المقام المحمود، وصاحب الوسيلة، وهي درجة في الجنة لا يجتمع عليها اثنان، قال صلى الله عليه وسلم: (لا ينبغي أن تكون إلا لعبد وأرجو أن أكون أنا هو).
فنحن عندما نتحدث عن تجدد نشر الصور المسيئة له صلى الله عليه وسلم نتحدث لنتقرب إلى الله جل وعلا بالحديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم حديثاً حسناً، ولنبين عوار أولئك القوم، أما هو صلى الله عليه وسلم فمحفوظ بحفظ الله تبارك وتعالى له حياً وميتاً صلوات الله وسلامه عليه: والله لن يصلوا إليك ولا إلى ذرات رمل من تراب خطاك هم كالخشاش على الثرى ومقامكم مثل السماء فمن يطول سماكا صلوات الله وسلامه عليه.
هذا التجديد يفرز أموراً كثيرة من أهمها أن طريق معالجتنا الأولى لم تكن في الغالب صائبة؛ لأن هذا الحدث تجديد، وقد كان من قبل على هيئة مقتصرة في صحيفتين أو ثلاث، والآن وصل العدد إلى سبع عشرة صحيفة، منها صحف مدعومة من الدولة، ففيها أن التأييد الحكومي الدنمركي في التجديد أكثر منه في الأول، كانوا في الأول يلتزمون الصمت لكن الآن بعض الصحف تحظى بتأييد من الحكومة، والكنيسة الكاثوليكية صمتت إلى الآن عما حصل.
إذاً: هناك ثلاثة أمور: تجدد عدد الصحف وكثرتها، التأييد الحكومي والدعم الرسمي، الصمت الكنسي.
نحن لا نريد أن نقدح في أحد، لكن بعض الفضلاء اجتهد، وقد لا يكون موفقاً في قضية اللين، وبعض الفضلاء اجتهد ولم يكن له أن يجتهد؛ لأن التحدث باسم الأمة والدفاع عن نبيها يحتاج أولاً إلى ما يشبه التوكيل والتفويض من الأمة، فليست القضية أن فرداً واحداً يسعى إلى حل المعضلة بيننا وبينهم، يعني: ليست مناط اجتهاد فردي، وأن الإنسان يأتي بمفرده يتحدث باسم المسلمين، فهذا غير مقبول، لابد أن يكون التفويض ناجماً عن جهة لها حق التخويل رسمياً أو شعبياً من رابطة العالم الإسلامي، أو منظمة المؤتمر الإسلامي.
فمنظمة المؤتمر الإسلامي تمثل الحكومات ورابطة العالم الإسلامي تمثل الشعوب، وينبغي على منظمة المؤتمر الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي الاثنتين أن يتخذا موقفاً موحداً وهما يتخذان القرار المناسب في مثل هذه الحالة.
قضية سب النبي صلى الله عليه وسلم جريمة عظمى تخول الحرب؛ لكن الأمة ليست بمقدورها الحرب وهذا لا يختلف عليه اثنان، لكن هناك طرائق خفية لذا أقول: بعض أهل الصناعة القانونية من المعاصرين كتب في هذا المجال، آخرهم أني اليوم قرأت في جريدة الحياة لأستاذ اسمه محمود المبارك ذكر طرائق قانونية، ونبه على أن الميثاق الأوروبي ينص في المادة (29) على أن حرية التعبير عن الأديان مقيدة بألا تضر حرية الآخرين، وهذا في دول تحكم القانون في الغرب، فينبغي الاتكاء على مثل هذه في محاكمتهم، لا أعني محاكمة الفرد لكن قضية الضغط على الحكومات من باب القوانين التي يؤمنون بها ويبثونها في الناس.
هذا من جهة العمل الرسمي، وللأسف أن الموقف الرسمي من دول العالم الإسلامي لا يرقى إلى أدنى ما هو مطلوب تجاه تجدد نشر الصور.
أما ما يتعلق بعامة المسلمين فيظهر أن الدعوة إلى المقاطعة الاقتصادية على الأقل وإن لم تكسر لهم شوكة في الغالب، فإنها تشفي بعض العلة، فالتجديد لها أمر محمود مطلوب في ظني؛ ولذا أنادي بالمقاطعة.
والأمر الثاني: قضية عملية، وهو أننا نعمل جاهدين على نصرته صلى الله عليه وسلم بنشر هديه وبعث سنته في الناس وفي الغرب، ونبدأ بالعمل الفردي والجماعي في نشر سننه صلى الله عليه وسلم وهديه والدين الذي جاء به.
وهنا كلمة قالها العلامة الشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين وفقه الله وحفظه عندما حصل الحادث الأول قال: إن الدنماركيين أساءوا إلى نبيهم؛ لأن نبينا صلى الله عليه وسلم نبي لنا ونبي لهم؛ لأن كل من جاء بعده فهم من أمة الدعوة، فالدنماركيون ليس لهم نبي إلا نبينا صلى الله عليه وسلم، وهم مأمورون شرعاً بالإيمان به واتباعه صلوات الله وسلامه عليه، فهم أساءوا إلى نبيهم ونبينا في آن واحد، لكن الفرق بيننا وبينهم أننا من أمة الإجابة ولله الحمد وهم من أمة الدعوة.
وهذا أمر يجب أن ينشر في أبنائنا وبناتنا على مستوى المؤسسات وغيرها، وقلت: لابد أن يرتقي الموقف الرسمي إلى منظمة المؤتمر الإسلامي، والغريب أنهم يدعون أحياناً للقاءات أو لقمم في أمور هي أدنى من هذا بكثير.