المقدم: نختم بقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ} [النازعات:42]، وقد تكرر كثيراً في القرآن الكريم، والحديث عنه قد يطول، لكن نقف وقفة سريعة مع الدجال، لا سيما منعه من دخول المدينة.
وقبل هذا فقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا} [النازعات:42]، ولم تعقب بجواب، فما الحكمة في ذلك؟ الشيخ: قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} [النازعات:42 - 43].
كان الجواب بلاغي في بيان أن هذا النبي لا يملك الإجابة، وهذا نوع من الجواب، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل: (ما المسئول عنها بأعلم من السائل).
أما الدجال، فالمسيح مسيحان: مسيح ضلالة وهو الدجال، ومسيح هداية وهو عيسى بن مريم، والأصل أن كلاً منهما يسمى المسيح؛ لأنهما يطوفان الأرض، هذا الغالب، لكن سنقف عند وقوف الدجال في المدينة.
في الجهة الشمالية الغربية من المدينة موقع يقال له الجرف، وأول من سماه بكلمة الجرف تبع اليماني، وهو أول قرية معمورة وأول ما سكن من المدينة، هذا الجرف ينيخ الدجال عسكره عنده، تمنعه الملائكة من دخول المدينة.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الإيمان ليأرز إلى المدينة)، هذه المدينة موئل عظيم للعلم والإيمان.
جاء في حديث أبي سعيد الخدري أنه يخرج إليه شاب من خير أهل الأرض يومئذ، وجاء في رواية: (بل هو خير أهل الأرض يومئذ).
اجتمع في هذا الرجل الشاب الذي خرج صفتان: بهاتين الصفتين يسود الناس، وهما العلم والإيمان، فهو على إيمان واثق يرد به الشهوات، وعلى علم يرد به الشبهات.
والأصل عدم الخروج للدجال، لكن هذا الرجل متمكن علمياً وإيمانياً، ونحن نطالب كل من يتصدر، ونطالب الشباب بالحذر من أن يلقوا أنفسهم في قضايا مهلكة بدون علم وأحياناً بدون إيمان.
المقصود أن هذا الرجل يخرج للدجال فيريد أن يقتله من دون الدجال من الخدم والحاشية والحرس، فيقولون: إن ربكم قد أمركم ألا تقتلوا أحداً دونه، فيأتون به بين يدي الدجال فيسأله الدجال، فيقول عندما يراه: ما ازددت إلا إيماناً أنك كاذب، أي: كفراً بك، فيقطعه الدجال قطعتين، ثم يمشي بينهما ثم يعيده، فيقول: ما ازددت إلا كفراً بك.
لأن الرجل يحمل العلم مع الإيمان، فالإيمان منعه من أن يأخذ إغراءات الدجال من الجنة والنار التي معه.
والعلم عصمه من أن يسمع كلام الدجال ويغتر بفتنته.
هذا الرجل الشاب أنموذج للقدوة في قضايا العلم والإيمان.
ثم إن الدجال تنهره الملائكة جهة الشام فيتوجه إلى الشام فيقتل على يد عيسى بن مريم.