الدراساتِ في العلوم الكونية قضايا قابلةً للنقضِ لأدنى شبهةِ احتمال، بل قد تَكشفُ بحوثٌ جديدةٌ ما يُبْطِل نظرياتٍ كانت تُعَدُّ من الحقائق العلمية!
لكن الأحكامَ الشرعيةَ المُسْتَنِدةَ إلى أدلتِها الصحيحة تختلف عن تلك العلوم من حيث المصدر وطرق الوصول، فإن مصدرَ علومِ الشرع - على اختلافها وتنوعها - الوحيُ من السماء، وأصلها الإيمان بالله الحكيمِ العليم، وأنه أنزل كتابا فيه ذِكْرٌ تكفَّل - سبحانه وتعالى - بحفظه، وكلَّف رسولَه صلى الله عليه وسلم التبيين، وهو الناصحُ الأمين، الحريصُ على حَسْمِ مواردِ اللبسِ وقطعِ موجباتِ الخطأِ ومواردِ الضلال.
فكان الفرضُ في الابتداء - من أجل هذا المُسَلَّمِ الإيمانيِّ - أن قضية القطعِ في العلوم الشرعية لا يجوز بحثها معزولةً عن مصدرها، وأنها مختلفة عن بحث القطعيةِ في العلومِ الكونية والمعارفِ الإنسانيةِ الأخرى.
ولما عرَض لي بحثُ موضوعٍ في أصول الفقه لمرحلة العالمية (الماجستير) - وبعد أن استشرت بعضَ أساتذتي - وفَّقني الله إلى اختيار هذا البحث موضوعا في هذه المرحلة.
أسباب اختيار الموضوع:
كان لاختيار الموضوع دوافع:
منها: ما تقدم من أهمية اليقين وأن القطعَ بأدلةِ الأحكام يورث الطمأنينةَ وأمنَ الزلل.