واستقراءات الشواهد فيمكن أن ينظر المستدل في دليلين مع قرائنهما وشواهدهما ويتقويان في نظره حتى يبلغا القطع أو قريبا منه مع تعارضها في الظاهر عنده، ويكون واقع الأمر إما أن أحدهما ليس قطعيا وإما أنه لا تعارض بينهما إلا في نظر المستدل في ظاهر الأمر، قال ابن تيمية بعد نفى جواز تعارض القطعيات: "وحينئذ، فلو تعارض دليلان قطعيان وأحدهما يناقض مدلول الآخر ... فلا بد من أن يكون الدليلان أو أحدهما غير قطعي أو أن لا يكون مدلولهما متناقضين"1.

وهذا الأمر يتأتى في النوع الثاني من القطعيات وهو المبني على النظر في قرائن القطعية، أما النوع الأول منها - وهو ما كان من القطعيات قريبا سببه واضحا مأخذه ولا يحتاج إلى كبير نظر واستقراء - فلا يتصور فيه ذلك، ومن هذا ما يُذكر من التفاوت بين قطعية خبر الواحد وقطعية غيره من الأدلة بأن القطعية في خبر الواحد المحتف بقرائن القطعية لا يمنع من الترجيح بين أخبار الآحاد المفيدة للعلم إذا تعارضت، أما القسم الآخر من القطعيات فلا يبقى فيه مسلك للترجيح2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015