- ولأن المقصود من الترجيح جلب زيادة قوة وغلبة ظهور لأحد الدليلين المتعارضين على الآخر، والدليل القطعي قد بلغ غاية القوة والظهور حتى انفصل منه كل احتمال فهو لا يقبل الزيادة إذ لا غاية وراء اليقين1، قال الطوفي: "وهذا كمن يمشي على جبل أو سطح، فلا يزال المشي مُمْكِنا منه حتى ينتهي إلى حافته فيستحل منه لانتهاء غاية المشي، فلو زاد بعد انتهائه إلى الطرف خطوة لصار مشيه في الهواء وهو محال، بل يقع الماشي فيهلك أو يتأذّى"2.

وذهب بعض العلماء إلى جواز وقوع التعارض بين الأدلة القطعية، وأنه يتأتى الترجيح بينها.

وعللوا ذلك بأمور منها:

أولا: أنه إذا كان المراد من التعارض والترجيح وقوعهما في حقيقة الأمر فالأدلة الشرعية كلها سواء في امتناع ذلك فيها، لأن وقوع ذلك في أي دليل شرعي قطعيا كان أم غير قطعي يلزم منه التناقض إذا كان في حقيقة الأمر، وذلك غير جائز، وأما إذا كان المراد من ذلك وقوع ذلك في ذهن المجتهد أو في ظاهر الأمر فذلك واقع بين الأدلة الشرعية القطعية، فقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015