بتخصيص العام من القرآن الكريم بالخاص من السنة، واستدل على ما اختاره بسيرة الصحابة رضي الله عنهم، قال: "وما ذكره القاضي وإن كان متجها في مسلك العقل فالمتبع في وجوب العمل ما ذكرناه، ومن شك في أن الصديق رضي الله عنه1 لو روى خبرا عن المصطفى صلى الله عليه وسلم في تخصيص عموم الكتاب لابتدره الصحابة قاطبة بالقبول فليس على دراية في قاعدة الأخبار"2.
وخالف بعض العلماء ما سبق، فمال إلى ترجيح جهة الثبوت على جهة الدلالة، وعلل ذلك بأن جهة الدلالة مفرعة عن جهة الثبوت فكان عدم قطعية الدليل من جهة الثبوت يورث شبهة في جهة الدلالة وإن كانت قطعية، وذلك أن معنى الدليل ودلالته مُودَعان في اللفظ فهما تَبَع له وفرع عن ثبوته.
وعلى هذا القول فإذا تعارض دليل عام من القرآن ودليل خاص نص من السنة الأحادية قدِّم العام من القرآن على الخاص من خبر الواحد لأنه راجح عليه، فإن القطعية في العام من جهة الثبوت، وهي على هذا المذهب أقوى من قطعية الخاص التي هي من جهة الدلالة3.