بالراجح من ذلك، وحجية قول المفتي للمستفتي ونحو ذلك، فكل ذلك عليه أدلة يقطع بها المحققون من علماء أصول الفقه وغيرِهم، ممن يستقرئ أدلتها من الكتاب العزيز، والسنة النبوية، وعمل الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين من بعدهم رحمة الله عليهم.
وهذا ما ذكره القرافي ونقله عن العلماء وأيده، وهو أن أصول الفقه قطعية لمن استقرأ أدلته ووقف على أقضية الصحابة واطّلع على مناظراتهم وفتاويهم في مظان الاستدلال بتلك المسائل وفي غير مظانها من مصادر الشريعة الواسعة، فإن المستقرئ لما ورثه الخلف عن السلف من الصحابة ومن بعدهم من فتاويهم وأقضيتهم، وما كان عليه عملهم عند البحث عن أدلة الأحكام وعند الاختلاف في الأحكام، يقطع بكثير من القواعد الموصلة إلى الفقه، أما من قصر عن استقراء ذلك ولم يقف إلا على نزر يسير مما هو مسطور في مظان الاستدلال على تلك المسائل فلا يضيره إذ عجز عن القطع أن يعمل بما ثبت عنده بغالب الظن والراجح الصحيح من الأدلة الشرعية، لأنه ربما استدل العلماء على أصول الفقه بقدر من أدلتها ليثبتوا أصل المسألة وتكون تفاصيل ذلك متفرقة في مواضع أخرى1.