ومن ذلك مسألة (هل يجوز تخصيص الدليل من الكتاب بخبر الواحد؟) فقد توقف فيها القاضي أبو بكر الباقلاني لعدم الدليل القطعي على أي من طرفي النفي والإثبات، ومع ذلك فقد جزم إمام الحرمين بطرف الإثبات فاختار جواز تخصيص دليل الكتاب بخبر الواحد وقطع بذلك، واختار الغزالي طرف الإثبات مثل إمام الحرمين لكنه لم يقطع بذلك، فألحق المسألة بالمجتهدات التي لا دليل قطعي فيها ويكتفى فيها بالظن الراجح1.
ومن ذلك قول الغزالي عند الكلام على تقسيم النظريات إلى قطعية وظنية في أواخر (المستصفى) بعد أن ذكر أمثلة للقطعيات من أصول الفقه، قال: "وقد نبهنا على القطعيات والظنيات في أدراج الكلام في جملة الأصول"فهذا اعتراف صريح بوجود الظني والقطعي في أصول الفقه.
وسبق أن مذهب بعض من العلماء في قطعية أصول الفقه لم يكن من الجلاء بحيث يسهل أن ينسب إليه أي من القولين في أصل هذه المسألة.
وذلك إما لكونه يردد القول فيها ويذكر وجهي المسألة بالنفي والإثبات، وإما لكونه يؤيد أحد وجهي المسألة عند الاعتراض ويؤيد الوجه الآخر عند الاستدلال.
وممن سار على هذا النهج الآمدي، فمن ذلك أنه ذكر الأدلة على حجية