قال الطوفي: "أما قولهم: الأصل عدم العمل بالظن، فممنوع أيضا في الشرعيات، لأن مبنى الشرع على غلبة الظن، ولهذا كانت أكثر أدلته ظنية، كالعموم وخبر الواحد والقياس، فلو كان الأصل عدم العمل بالظن لكان أكثره واقعا على خلاف الأصل، وذلك خلاف الأصل إذ الأصل في الفنون جريان جميعها أو أكثرها على وفق الأصل"1.

وهذا الدليل مبني على مذهب القائلين بالتقسيم إلى أصول وفروع، فهو لذلك وارد عليهم، وإلا فلا يسلم أن أكثر أدلة الشرع ظنية ولا أن مبناه على غلبة الظن عند أئمته المحصلين للأدلة مع استقراء قرائنها2.

الدليل الثالث: قياس أصول الفقه على أصول الدين، "لأن نسبة أصول الفقه إلى أصل الشريعة كنسبة أصول الدين، وإن تفاوتت في المرتبة فقد استوت في أنها كليات معتبرة في كل ملة، وهي داخلة في حفظ الدين من الضروريات"3، ووجه كونها داخلة في حفظ الدين قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} 4 والمراد حفظ الكليات لأن الجزئيات قد وقع فيها ما ليس بقطعي ويقع فيها الخطأ5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015