ولكننا لا نعرف ما الذي يجب أن نقوله أمام مشكلة جديدة تستدعي توفُّر الأفكار. وحتى فيما بين (العقول المتميّزة) فإن التجربة تظل عَصيَّة التَّبليغ في صورة رموز فكريَّة، وفي لغة مكتوبة. فنحن لكي نقتنع لا بدَّ وأن تُقَدَّم لنا التجربة برمَّتِها على نحو من الأنحاء، كأن تكون فوق طَبَقٍ من الأطباق؛ أما ترجمة هذه التجربة ضمن رموز فكريَّة فتجعلها بعيدة عن مداركنا، قاصرة عن إقناعنا. وكما هي الحال بالنسبة إلى (القِدِّيس توماس) (?) الذي كان يريد- لكي يؤمن بمعجزة القيامة- أن يَلْمَسَها بيديه، فإن طريقتنا في الفهم، تعدُّ أحياناً طريقة لَمْسِيَّة، بدل أن تكون عقليَّة. ولهذا فإن الاستعمار يمتلك على الصعيد السياسيِّ أهْوَنَ لُعْبَة وأيْسَرَها لبلوغ أغراضه؛ إذ ليس له إلا أن يجعل لعبته غير قابلة لِلَّمْسِ، حتى نكون منذئذ عاجزين عن فهم أيّ شيءٍ منها. وإن الاستعمار ليدرك ذلك جيداً.