وللتَّخلُّف جغرافيته، وتاريخه.
أما جغرافيته، كما سبق أن بيَّنَّا ذلك في محاضرتنا الأخيرة، فهي تشمل المساحة التي تنتظم على وجه التقريب نصف الكرة الجنوبي، والتي تقع في نطاقها في جميع الأحوال بلدان باندونغ ( رضي الله عنهandoeng) التسعة والعشرون (?).
وأما من الناحية التاريخية، فيجب علينا أن نميِّز بين شكلَيْن اثنَيْن للتخلُّف في هذه الرقعة الجغرافية: الشكل الذي يُعزَى إلى عوامل عرضية كالتَّقهقر الذي ينتاب الآن أو انتاب في الماضي تطور المجتمعات التي كانت نامية سابقاً، كما هي الحال بالنسبة إلى المجتمع الإسلامي حتى آخر عهد الدولة الموحديَّة؛ والشكل الذي يعزى إلى عوامل دائمة ومزمنة من الركود، كما هي الحال بالنسبة إلى العوامل التي انتابت حتى هذا الحين حياة السكان الذين يكوِّنون ما نسميه بالمجتمعات البدائية. وعلاوة على ذلك يجب أن نأْخذ في حسابنا الاستعمار الذي يمكنه أن يصبح عامل ركود أو تقهقر راجح الكفَّة.
ولكن مهما يكن مصدره التاريخي، فإن التخلُّف- عندما نعبِّر بمصطلحات اقتصادية عن الحقائق الواقعية لمجتمع في حالة ركود أو تقهقر- لا يشكل سوى مظهر من مظاهر مشكلة الإنسان الذي لم يتعلم طريقة استعمال وسائله الأولية، التي هي التراب والزمن بصورة فعالة، أو هو قد نسي ما تعلمه من هذا