القضايا الكبري (صفحة 135)

وكان الشعب الجزائريُّ يعيش في بلاد سُدَّ فيها المستقبل أمامه، حيث كان الفرد يولد والتشاؤُم يملأُ أعماقه وروحه، لأنه كان يفقد الدوافع الوجودية الباعثة التي تتيح للإنسان أن يُكَرِّسَ نفسَه للحياة أو الموت من أجل شيءٍ معيَّن.

ففي المرحلة التي سبقت عَهْدَ اسْتعمار الجزائر، اكتفى الإنسان بمجرد الحياة الخاملة، واختلق له، لكي يُغالِطَ نفسَه بالنسبة إلى وضعه البائس، ضروباً من التَّعِلاَّت الصوفيَّة الكاذبة كان يُقِيمُها مقامَ الدَّوافع المعلِّلَة.

ولقد تكفَّلت النزعة المرابطيَّةُ بمَدِّهِ بتلك التَّعِلاَّت مقابل ثمن منخفض أو مرتفع لِتَصْرِفَه عن ماضيه، وحاضره، ومستقبله.

ثُمَّ ضاعف الاستعمار من خطورة هذه الوضعية، جاعلاً من الإنسان مجرد (شيءٍ) من جملة أشيائه، كما جعل من النزعة المرابطية جهازاً للإرسال مُضْطَلِعاً بإيصال توجيهاته إلى الشعب، بعد تحويلها إلى دوافع جديدة مطابقة لِمَرامِه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015