في بعض المنعطفات المعينة من التاريخ، يتعين على المجتمع أن يعرف بأي تقويم (أو ميزانية) ينخرط في إحدى المراحل الجديدة. ومن هنا يجدر بنا أن نتساءل: أين كُنَّا غداة الأوَّل من نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 1954؟!
فقد وُلِدَتْ أجيالٌ جزائريَّة عديدة وسط الضباب الذي يُغَشِّي المجتمعات التي تضعها بعضُ الظروف الفاجعة على هامش التاريخ.
وداخل الضباب يكون من العسير على الإنسان أن يشُقَّ له طريقاً معيناً، حق لَيَنتَهِيَ الفرد نفسُه إلى فَقْدِ الصِّلة مع المجموع ومع الجماعة، الأمر الذي يُفْضِي إلى تَقَوُّضِ شبكة الصِّلات الاجماعية على هذا المنوال.
فالجزائريُّ الذي وُلِدَ ضمن هذه الشروط لم يكن شيئاً آخر سوى مجرد فرد: أي كائن معزول عن جماعة وُضِعَتْ على هامش التاريخ من جراء (القابلية للاستعمار) ( Colonisabilité) (?) كما أصبحت مفكَّكة الأوصال بفعل الاستعمار حتى لقد كان يُشْبِهُ الفردَ الذي تَبَقَّى على قيد الحياة بعد نوع بشريٍّ مُنْقَرِضٍ عقب كارثة جيولوجية.