الأعمال الصالحة، فعصى ذلك الكفار والفجار، فتلك كلها إرادة دين، وهو يحبها ويرضاها وقعت أم لم تقع.
والثالث: ما تعلقت به الإرادة الكونية فقط، وهو ما قدره الله وشاءه من الحوادث التي لم يأمر بها كالمباحات والمعاصي، فإنه لم يأمر بها، ولم يرضها، ولم يحبها، إذ هو يأمر بالفحشاء ولا يرضى لعباده الكفر، ولولا مشيئته وقدرته وخلقه لها لما كانت ولما وجدت، فإنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
والرابع: ما لم تتعلق به هذه الإرادة ولا هذه، فهذا ما لم يقع ولم يوجد من أنواع المباحات والمعاصي (?) .
والسعيد من عباد الله من أراد الله منه تقديراً ما أراد الله به تشريعاً، والعبد الشقي من أراد الله به تقديراً ما لم يرد به تشريعاً، وأهل السنة والجماعة الذين فقهوا دين الله وحق الفقه، ولم يضربوا كتاب الله بعضه ببعض، علموا أنَّ أحكام الله في خلقه تجري على وفق هاتين الإرادتين، فمن نظر إلى الأعمال الصادرة عن العباد بهاتين العينين كان بصيراً، ومن نظر إلى الشرع دون القدر، أو نظر إلى القدر دون الشرع كان أعور، مثل قريش الذين قالوا: (لو شاء الله ما أشركنا ولا أباؤنا ولا حرمنا من شيء) [الأنعام: 148] . قال الله تعالى: (كذالك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قُلْ هَلْ عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون) [الأنعام: 148] (?) .