في الكون، وأن إرادته ماضية في خلقه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فكل المكذبين بالقدر لم يوحدوا ربهم، ولم يعرفوه حق معرفته، والإيمان بالقدر مفرق طريق بين التوحيد والشرك. فالمؤمن بالقدر يُقرُّ بأن هذا الكون وما فيه صادر عن إله واحد ومعبود واحد، ومن لم يؤمن هذا الإيمان فإنه يجعل من الله آلهة وأرباباً.
2- الاستقامة على منهج سواء في السراء والضراء:
العباد بما فيهم من قصور وضعف لا يستقيمون على منهج سواء، قال تعالى: (إن الإنسان خلق هلوعاً - إذا مسه الشر جزوعاً - وإذا مسه الخير منوعاً - إلا المصلين) [المعارج: 19-22] .
والإيمان بالقدر يجعل الإنسان يمضي في حياته على منهج سواء، لا تبطره النعمة، ولا تيئسه المصيبة، فهو يعلم أن كل ما أصابه من نعم وحسنات من الله، لا بذكائه وحسن تدبيره (وما بكم من نعمة فمن الله) [النحل: 53] . ولا يكون حاله حال قارون الذي بغى على قومه، واستطال عليهم بما أعطاه الله من كنوز وأموال: (إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وأتيناه من الكنوز ما إنَّ مفاتحه لتنوأ بالعصبة أولى القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين - وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأَحسِن كما أَحسَنَ الله إليك ولا تبغِ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين - قال إنما أوتيته على علم عندي) [القصص: 76 -78] .
فإذا أصاب العبد الضراء والبلاء علم أن هذا بتقدير الله ابتلاء منه، فلا يجزع ولا ييأس، بل يحتسب ويصبر، فيكسب هذا الإيمان في قلب العبد