وبعد القرن الثاني لا نرى في كتب التاريخ والعقائد ومن ألّف في الفرق والمذاهب ظهور هذه الفرقة وهذا المذهب (?).
وإنّ هذا الاستقراءَ الصحيحَ من الدكتور الأعظمي، والذي تشهد له كتب التاريخ والعقائد لا يُعكِّرُ عليه ما قال الحافظ ابن حجر العسقلاني؛ لأنّ الأمر لم يبلغ بالخوارج حدَّ الإنكار جملةً، بل إنّ الحافظ رحمه الله قال: «مُطلَقاً»، وفي قوله إمكانيةُ ردِّهم، وأنهم متهيّئون للردّ كلما لم يُوافقِ الحديث آراءَهم، لا أنهم ردّوا السنةَ جملةً، وأنكروها أصلاً.
ولا يُعكّرُ عليه كذلك ما ذكره الإمام السيوطي رحمه الله (¬2) في مطلع رسالته القيمة «مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسُّنّة»:
« ... وأن مما فاح ريحه في هذا الزمان، وكان دراساً بحمد الله تعالى منذ أزمان، وهو أن قائلاً رافضيا زنديقاً أكثر في كلامه أن السنة النبوية، والأحاديث المرويّة ـ زادها الله علوّاً وشرفاً ـ لا يُحتجُّ بها، وأن الحجة في القرآن خاصة».
إلى أن قال رحمه الله: «وأصل هذا الرأي الفاسد أن الزنادقة وطائفة من غلاة الرافضة ذهبوا إلى إنكار الاحتجاج بالسنة والاقتصار على القرآن وهم في ذلك مختلفو المقاصد .... »، ثم بعد أن عدد من مقاصدهم قال: