أَخبرَ القرآنُ أَنَّ امرأةَ العزيز راودَتْ فَتاها يوسفَ مراتٍ عديدة، وأَنه كانَ

يُقابلُ مراودتَها وإِغراءَها وفتنتَها بالتعفُّفِ والتَّرَفُّع، وهذا ما اعترفَتْ هي به

لنساءِ المدينة: قال تعالى: (قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ) .

وازدادت المرأةُ عِشْقاً له، وكلَّما أَمعنَ يوسفُ في تعفُّفِه ورفْضِه المراودةَ

أَمْعَنَتْ هي في عشقِها وإِغرائِها وتهالكِها!!.

واضطرت المرأَة أَخيراً إِلى دعوتِه لمعاشرتِها دعوةً جريئةً صريحةً

مكشوفة، بعدما غَلَّقَت الأَبواب، لكنَّه تَرَفَّعَ بصراحَة: (وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) .

وسيطرتْ عليها شهوتُها، وزادَ سُعارُها الشَّهوانيّ، وأَرادَتْ أَنْ يُعاشِرَها

بالقُوَّة، فَهَمَّتْ به، وعَزَمَتْ على مخالطتِه، وهَجَمَتْ عليه، والأَبوابُ مُغَلَّقَة: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ) .

ولما رأى يوسفُ نفسَه في هذا الموقفِ المثير، أَرادَ أَنْ يتعفَّفَ ويُحَصنَ

نَفْسَه، فأَمامَه سيدتُه المتهالكةُ المثيرةُ المغرية، وهو الشابُّ القويُّ الممتلئُ،

فما الذي يعصِمُه منها، ويَحميه من فتنتِها وإِغرائِها؟

وما الذي يمْنَعُه من مقابلةِ هَمِّها بِهَمٍّ منه؟

إِنه قوةُ إِيمانِه ومراقبتِه لله!! لقد استحضَرَ هذا المعنى الإِيماني،

وهو في ذلك الموقفِ والجَوّ، وقَوّى بُرهانَ ربِّه في قلبِه وكيانِه، فمنَعَه هذا من

الهَمّ بها، أَو الرغبةِ في معاشرتِها، أَو التوجُّهِ إِليها، والعزمِ على ارتكابِ

الفاحشةِ معها!!.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015