وقد سبقَ أَنْ ناقَشْنا الفادي الجاهلَ في القصةِ التي أَوْرَدَها، وذكَرْنا أَنها
لم تَصِحّ، رغم وُرودِها في بعضِ الكتبِ الإِسلامية، كالسيرةِ الحلبية.
والراجحُ أَنَّ الله عاتَبَ رسولَه - صلى الله عليه وسلم - لأَنه حَلَفَ اليمينَ على أَنْ لا يَشْرَبَ العَسَلَ.
وخلاصَةُ الحادثةِ أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - شربَ عندَ امرأتهِ زينبَ بنتِ جحش - رضي الله عنها - عَسَلاً.
ولما ذَهَبَ إِلى حفصةَ - رضي الله عنها - أَخْبرتْه أَنَّ رائحةَ العسل الذي
شربَه عند زينبَ كَريهة، فَحَلَفَ على أَنْ لا يشربَ ذلك العسلَ عند زينب،
فأَنزلَ اللهُ الآيةَ في عتابه على يَمينِه، ويَدْعوهُ إِلى التكفيرِ عن يَمينِه.
ومعنى قوله تعالى: (لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ) : لِمَ تَمْتَنِعُ عن أَكْل ما أَباحَ اللهُ لكَ؟
فالتحريمُ هنا امتناعٌ عن فعل بعضِ المباح، وليس تحريماً شرعيّاً للحَلَال.
وكَلامُ الفادي سَيِّئٌ مرذول، وذلك عندما وَصَفَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَصْفاً قبيحاً بقوله: " ولكنْ لما عاوَدَتْهُ الرغبةُ في ماريةَ حَنَثَ بالقَسَم، وأَقفلَ بابَ اعتراضِ حفصةَ على رجوعِه في قَسَمِه بقوله: إِنَّ اللهَ أَوحى إِليه.. "
وهذا الكلامُ لا يقولُه نبيّ رسول، إِنما يقولُه رجلٌ كاذبٌ مفْتَرٍ، بلا دينٍ ولا أَدب!.
***
تَدَخَّلَ الفادي المفترِي في أَبَوَيْ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وعَلَّقَ على آية تَنْهى المؤمنين عن الاستغفارِ للمشركين ولو كانوا من أقاربِهم، وهي قول الله - عز وجل -: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113) .
وقال تحتَ عنوانٍ استفزازي مُثير هو: " أهله من أصحاب الجحيم "..
" قالَ البيضاويّ: رُويَ أَنَّ النبيَّ قالَ لأَبي طالب لما حضرَتْه الوفاة: قُلْ كلمةً
أُحاجّ لك بها عِندَ الله، فأَبى.
فقال: لا أَزالُ أَستغفرُ لك ما لم أُنْهَ عنه.
فنزلَتْ.
وقيل: لما افتتحَ مكة خرجَ إِلى الأبواء، فَزارَ قَبْرَ أُمِّه، ثم قامَ