وفي هذا الكلامِ الخبيثِ بعضُ المغالطاتِ والأَكاذيبِ والجهالات،
1 - إِصْرارُه على أَنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - يُحَلّلَ ما يَشاء، ويُبيحُ لنفسِه ما حَرَّمَه على غيرِه، والتلاعبَ في التحليلِ والتحريم..
عِلْماً أَنَّ التحليلَ والتحريمَ لله وَحْدَه، فاللهُ سبحانه هو الذي يُنَزّل عليه الآيات، مُحَلّلاً ما يَشاء، ومُحَرِّماً ما يَشاء..
والآياتُ التي أَوردَها ليستْ من تأليفِه، وإِنما هي كلامُ اللهِ أَوحى به
إِليه.
2 - من جهالاتِ المفترِي الجاهلِ عدمُ تَفريقِه بين السورِ المكيةِ النازلةِ
في مكةَ قبلَ الهجرة، والسُّوَرِ المدنيةِ النازلةِ في المدينةِ بعدَ الهجرة.
وسَجَّلَ جَهْلَه في قوله: " مع أَنه لما كان في مكةَ كان يَعْلَمُ أَنَّه: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) ".
لقد جعل سورةَ البقرةِ مكية، وكل مُبتدئ في العلْمِ مُسلماً كان
أَو كافراً فإِنَّه يَعلمُ أَنَّ سورةَ البقرة مدنية، وفيها النهيُ عن الإِكراهِ في الدين، وإِجبارِ الآخَرينَ على الدخول في الإِسلام، وأَوردَ آيةَ سورةِ النحلِ الآمرةِ
بالدعوةِ إِلَى الله بالحكمةِ والموعظةِ الحسنة، واعتبرها لجهلِه مكية، مع أَنَّ
الراجحَ أَنَ سورةَ النحلِ مدنية، وأَنها أُنزلَتْ بعد غَزوةِ أُحُد، في السنةِ الثالثةِ
من الهجرة.
3 - ادَّعى المجرمُ أَنَّ الجهادَ طارئٌ على النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأَنه لما كانَ في مكةَ كانَ يَحُثُّ على عدمِ الجهادِ والقتال، ويُركزُ على الدعوةِ والبَلاغ.
ولما هاجَرَ للمدينةِ صارَ قوياً، واشتَدَّ ساعِدُه، ووجَدَ نفسَه مُحاطاً بذوي السيوفِ البتَّارةِ من أَتْباعِه، عند ذلك غَيَّرَ فِكْرَه وأُسلوبَه ودَعا إِلى الجهادِ والغَزْو.
علماً أَنَّ اللهَ هو الذي أَمَرَ المسلمين في مكةَ بكَفّ أَيديهم عن القِتال،
والصبرِ على أَذى المشركين، واللهُ هو الذي أَمَرَهم بالجهادِ والقتالِ في
المدينة، فالأَمْرُ أَمْرُ الله، ووردَ في آياتِ القرآنِ الحكيمة.
والرسولُ - صلى الله عليه وسلم - يتلَقّى أَمْرَ الله، ويلتزمُ به ويُبَلّغُه لأَتْباعِه ليلْتَزموا به.