أُمناءَ على التاريخ، وليسوا صادقين فيما يوردونَه من أَخبارٍ وأَحداث! ولذلك نتوقَّفُ في قَبولِ كَلامِهم، فلا نُصَدِّقُه ولا نُكَذّبُه!.
وَهَبْ أَنَّ ما وردَ في سِفْرِ أَستيرَ صَحيح، وأَنَّ وَزيرَ أَحشويرش اسْمُه
هامان، فلا يَلزمُ من ذلك أَنْ يكونَ هامانُ وزيرُ مَلِك فارس هو هامان وزيرَ
فرعونَ ملكِ مصر! إِنَّ هذا مستحيل، لوجودِ فترةٍ زمنية طويلة بينهما قد تَزيدُ على أَلْفِ سنة!.
إِنهما وزيران، كلٌّ منهما اسْمُه هامان:
هامانُ الأَول: وهو الذي أَخْبَرَ عنه القرآن، وكانَ الوزيرَ عند فرعون،
الذي يحكمُ مصرَ باسْمِه، ويُنَفِّذُ أَوامِرَه.
وهامان الثاني: وهو الذي وَرَدَ الكلامُ عنه في سِفْرِ أَستير، وكانَ وزيراً
عند ملك الفرس.
وبينَ الوزيرين بُعْدٌ في المكان، وبُعْدٌ في الزمان.
وبهذا يَسقطُ اعتراضُ الفادي، الناشئُ عن جهلِه وغبائِه، فوجودُ هامانَ
الثاني عند ملكِ الفرس لا يُلغي وُجودَ هامانَ الأَولِ عند فرعون.
ومعلومٌ أَن تِكرارَ الأَسماءِ أَمْرٌ موجودٌ في حياةِ الناس، لا ينكرهُ عاقل!!.
***
أَخْبَرَ القرآنُ أَنَّ هامانَ وقارونَ كانا كافرَيْن، متعاونَيْن مع فرعون، وقَرَنَ
القرآنُ بين الطغاةِ الثلاثة.
قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (23) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (24) .
وقال تعالى: (وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39) .