وسُؤالُ المجرمِ خَبيثْ: لماذا نُسِخَ الامتناعُ عن النساءِ وقْتَ الصيام؟

هَدَفُه منه التشكيكُ بالحكمِ الشرعي، عِلْماً أَنَّ الآيةَ لم تَنسخ الامتناعَ عن

النّساء وقتَ الصيام، فالامتناعُ عن النساءِ وقتَ الصيامِ في نهارِ رمضان ما زالَ قائماً، ومَنْ جامعَ امرأَتَه في نهارِ رمضان وجبَ عليه القضاءُ والكفارة، وذلك بعتْقِ رقبة، أَو صيامِ شهريْن متتابعَيْن، أَو إِطعامِ ستّين مسكيناً.

وحتى نعرف النسخَ في الآية لا بُدَّ أَنْ نتعرفَ على مناسبةِ نزولِها.

كانَ الإِمساكُ عن الطعامِ والشرابِ والجماعِ بمجردِ النوم في ليلِ

رمضان، فإِذا نامَ المسلمُ بعدَ الإِفطار وجبَ عليه الإِمساكُ حتى مغربِ اليومِ

التالي، ولو كان نومُه بعدَ صلاةِ العشاءِ مباشرة، وهذا الحكمُ ثابتٌ في السُّنَّةِ

وليسَ في القرآن.

وكانَ أَحَدُ الأَنصارِ - وهو قَيْسُ بنُ صِرْمَة - يعملُ في أَرضِه طولَ النهار،

وعادَ إِلى بيتِه في المساء، وقامت امرأَتُه لتعِدَّ له الإِفطار، ولكنَّه غلبَتْه عينُه فنام، وجاءَتْه امرأَتُه بالطعام فوجدَتْه نائماً، فأَمسكَ ولم يَأكل، وذهبَ في الصباحِ إِلى أَرضِه، ولكنه سقطَ في الأَرضِ مغشيّاً عليه من التعبِ والجوعِ والإِرهاقِ.

وجاءَ عمرُ بن الخطابِ - رضي الله عنه - إِلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسولَ الله!

لقد هلكْتُ! لقد عدتُ إِلى بيتي ليلةَ أَمس، فوجدْتُ امرأَتي نائمةً، فوقعْتُ

عليها.

فأَنزلَ اللهُ قولَه تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) .

لقد رحمَ اللهُ المسلمين وخَفَّفَ عنهم، فأَباحَ لهم ما كانَ منعَهم فى ليلِ

رمضان، وأَباحَ لهم الطعامَ والشراب ومعاشرةَ الزوجات طيلةَ ليلِ رمضان:

(فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015