من تَعييرِ العربِ له، بأَنه تزوجَ امرأةَ ابنِه، وكان قد أَوصى زيداً بها قائِلاً له: أَمْسِكْ عليك زوجَكَ واتَّقِ الله.
فَنَسَخَ هذه الوصية، وزعمَ أَنَّ اللهَ هو الذي زوَّجَه من زينب، وأَنزلَ عليه الآيةَ المذكورة، التي فيها جملة: (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا) .
مع أَنه لا يوجَدُ في الآيةِ منسوخٌ ولا ناسخ، وإِنما هذا ثمرةُ جَهلِ
الفادي المفترِي وإِجرامه وفجورِه، والأَسبابُ التي ذكرها لزعْمِ النسخِ نتَاجُ
حِقْدِه وخيالِه المريض.
وخلاصةُ حادثةِ زواج الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - بإِيجازٍ هي:
كانت زينبُ بنتُ جحشٍ - رضي الله عنها - ابنةَ عمةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو يَعرفُها منذ صغرِها، وكانَ قبلَ البعثةِ قد تَبَنّى زيدَ بنَ حارثة، واشتهرَ بين قريشٍ باسمِ: زيدِ بنِ محمد، وكان زيدٌ من السابقين إِلى الإِسلام - رضي الله عنه -.
وقد أَبطلَ اللهُ المَبني، وأَمَرَ بنسبةِ الأَبناءِ بالتبَنّي إِلى آبائِهم الحقيقيّين، وذلك في قوله تعالى: (وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ) .
وبذلك أُعيدَتْ نسبةُ زيدٍ إِلى أَبيه حارثة، فلم يقولوا: زيدُ بنُ محمد،
وإِنما يقولون: زيدُ بنُ حارثة.
وأَرادَ اللهُ الحكيمُ الخبيرُ أَنْ يُبطلَ كُلَّ آثارِ التَبني، بتجربةٍ عمليةٍ على يدِ
رسولِه محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، فأَمَرَ اللهُ نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُزَوِّجَ ابنةَ عمتِه زينبَ لزيدِ بنِ حارثة، فنفَّذَ أَمْرَ اللهِ وزوَّجَه بها..
وكانَ في زينبَ حِدَّةٌ وشِدَّة، وكانتْ تَرى نفسَها
أَفضلَ من زيد، لأَنها قرشيةٌ هاشمية، وهو عَبْدٌ مُحَرَّر..
ولذلك كانت تنشأُ بينهما خلافاتٌ عديدة، وكان زيدٌ يشكو زينبَ إِلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وكانَ الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - يوصيهِ بها، ويَدْعوه إِلى الصبرِ عليها، ولما أَخبره أَنه يُريدُ أَنْ