خُلاصَةُ حادثةِ سِحْرِ رسولِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ اليهوديَّ لَبيدَ بنَ الأَعْصَمِ كان ساحِراً، وأَرادَ أَنْ يسحر رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأَخَذَ مِشْطاً كان يَمتشِطُ فيه رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وأَخَذَ " مُشاطة " - وهي بقايا الشَّعْرِ الذي كان يَسقطُ من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ويَبْقى في المشْط - ونَفَثَ في ذلك المشطِ والمُشاطة، ولَفَّهُما على سِحْرِه، ووضَعَهما في " جُفِّ طَلْعَةِ ذَكَر "، وهو الغِشاءُ الذي يَكونُ على طَلْعِ النخل، ثم وَضَعَ الوعاءَ تحتَ راعوفةٍ في بئرِ ذَروان، والرّاعوفةُ هي الحجرُ الكبيرُ تكونُ في قَعْر البئر، يَنزلُ الإِنسانُ إِليها، ويَقِفُ عليها، إِذا احتاجَ إِلى النزولِ للبئر ...
وبئرُ " ذَرْوان " واقعةٌ في بستانٍ في المدينة.
وشاءَ اللهُ أَنْ يُؤَثِّرَ هذا السحرُ في الجانبِ البشري لرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ولَفْظُ الحديثِ دَقيق: " حتى كانَ يُخَيَّلُ إليه أنه يَفعلُ الشيءَ، وما يَفعلُه "..
أَي: كانَ أَثَرُ السحرِ على بَصَرِه فَقَط - صلى الله عليه وسلم -، بحيثُ يدفعُه إِلى مجردِ التخيُّلِ بالبَصَر!.
ولم يستمرّ هذا طَويلاً، فلما أَحسَّ رسولُ اللهِ بالتخيُّل على بَصَرِه لَجَأَ
إِلى اللهِ بالدُّعاء، فدعاهُ - صلى الله عليه وسلم - ثم دَعاهُ، ثم دَعاهُ، وطَلَبَ منه أَنْ يُزيلَ عنه ما يَجدُه..
واستجابَ اللهُ دعاءَ رسولِه - صلى الله عليه وسلم - وأَزالَ عنه أَثَرَ السحر بفضْلِه سبحانه، ولم يَعُدْ يتخيَّلُ ببصرِه غيرَ الموجود..
وأَحَسَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بذلِك فحمدَ اللهَ،
ثم قالَ لعائشةَ - رضي الله عنها -: "لقد أَفْتاني اللهُ فيما استَفْتَيْتُه "، أَيْ: عافاني ممّا أَجِدُه، واستجابَ دعائي!.
وأَرسلَ اللهُ اثنَيْنَ من الملائكةِ في صورةِ رجلَيْن، فقعَدَ أَحَدُهُما عند
رأسِه، وقَعَدَ الآخرُ عند رجلَيْه، وتحاوَرا فيما بينَهما ليَسمعَ كلامَهما، فعرفَ منهما أَنه مَسْحور، وأَنَّ الذي سَحَرَهُ هو اليهوديُّ لبيدُ بنُ الأَعصم، وعَرَف مكانَ السحْر..
فذهبَ مكل مجموعةٍ من الصحابةِ فاستخرجَه.
وقد اقترحَتْ عائشةُ - رضي الله عنها - عليه أَنْ يحرقَه، ولكنَّه أَبى ذلك، حتى لا يُثيرَ على الناس شَرّاً.
وأَمَرَ به فدُفِنَ في الأَرض.