ولا تَدُلُّ مهمةُ الهدهدِ الدعويةُ على أَنَه أَعلى منزلةً من كُلِّ الوزراءِ عند
سليمان - عليه السلام -، وكان الفادي غبيّاً في تَساؤُلِه: " وكيفَ يتصرَّفُ الهدهدُ في مملكةِ سليمانَ تَصرُّفاً يَفوقُ تَصَرفَ الملوكِ والوزراءِ والفلاسفة؟! ".
فمن غيرِ المعقولِ أَنْ يُعَيِّنَ سليمانُ - عليه السلام - الهدهدَ الطائرَ وَزيراً عنْدَه، مَسؤولاً عن الوزراءِ البَشَر..
كلُّ ما في الأَمْرِ أَنَّ هذا الهدهدَ قامَ بمهمةٍ دعويَّة، أَعانَهُ اللهُ على القيامِ بها، ووفَّقَهُ إِليها، ونتجَ عنها دخولُ ملكةِ سبأ وشعْبِها في الإِسلام، ومتابعةِ النبيِّ الملكِ سليمانَ - عليه السلام -.
***
تحتَ عنوان: " دابةٌ بينَ الأَنبياء " اعترضَ الفادي على حديثِ القرآنِ عن
الدابَّةِ التي تَخرجُ في آخِرِ الزمان، وذلك في قولِه تعالى: (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82) .
وقد نقلَ الفادي من تفسير البيضاويِّ كَلاماً عن الدابةِ، يَذكرُ فيه كيفيةَ
ومَكانَ خروجِها، ويُقَدِّمُ لها بعضَ المواصفات، ويَنسبُ لها بعضَ الأَعمالِ
عند خُروجِها، وبعضُ ذلك الكلامِ مَسْنَدٌ إِلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -.
ثم عَلَّقَ على ذلك بقوله: " ونحنُ نسأل: هل من المعقولِ أَنْ نتصوَّرَ دابَّةً
لها أَربع قوائمَ مثلُ الحيوان، وريشٌ وزغبٌ وجناحان مثلُ الطيور، وتتكلمُ مثلَ الإِنسان، وتعظُ مثلَ الأَنبياء، بسلطانِ موسى، وحكمةِ سليمان، وأَنها تحتفظُ بعصا موسى وخاتمِ سليمان؟! ".
المشكلةُ عنْدَ الفادي المفترِي هي جَهْلُه وغَباؤُه، وعدمُ اعترافِه بذلك،
وادِّعاؤُه العلمَ والمعرفة، وتعالُمُ الجاهلِ جريمةٌ مزدوجة، جَمَعَ فيها بينَ
الجهلِ والتَّعالُم!.