ونحنُ نوقنُ أَنَّ القرآنَ كلامُ الله، وكلّه صادق، لأَنَّه لا أَحَدَ أَصْدَقُ
حَديثاً وَقْولاً من الله، ولا يَجوزُ أَنْ نبحثَ عن مصدَرٍ بشري لما يذكُرُه القرآن، ويَكفي ذِكْرُ الخبر في القرآنِ دَليلاً على تَصديقه.
ويُكَذِّبُ الفادي المفترِي القرآنَ عندما يَزعمُ أَنَّ إِخبارَه عن عجلِ السامريِّ
ليس له أَساسٌ تاريخي، ونقول له: مرجعيَّتُنا هي القرآن، لأَنه كلامُ الله،
ويَجبُ أَنْ نؤمنَ بكلِّ ما وردَ فيه، وَمَنْ كَذَّبَ شيئاً مما ذُكِرَ فيه، فهو
مُكَذّبٌ لله، كافرٌ به.
وبعدَ ذلك نقول للفادي: لقد ذَكَرَ كِتَابُكَ المقَدَّسُ الذي تُؤمنُ به قصةَ
صنْعِ العجل، لكنَّ الحاخامات الذين أَلّفوا أَسفارَ العهد القديم كَذَبوا على الله وعلى هارونَ النبيِّ - عليه السلام -، حيثُ زَعَموا أَنه هو الذي صنَعَه، ودَعا قومَه إِلى عبادتِه!.
وَرَد في سِفْرِ الخُروجِ ما يلي: " ورأى الشعبُ أَنَّ موسى قد تَأَخَّرَ في
النزول من الجبل، فاجتمعَ الشعبُ على هارون، وقالوا له: قُمْ فاصنعْ لَنا آلهةً تسيرُ أَمامَنا، فإنَّ موسى ذلك الرجل الذي أَصْعَدَنا من أَرضِ مصر لا نَعلمُ ماذا أَصابَه!!.
فقال لهم هارون: انْزعوا حَلَقاتِ الذَّهَبِ التي في آذانِ نسائِكم وبَناتِكم
وبَنيكم، وأتوني بها ...
فَنَزَعَ كُلُّ الشَّعْبِ حَلَقاتِ الذَّهَبِ التي في آذانِهم، وأَتَوْا بها هارون ...
فأَخَذَها وصَبَّها قالباً، وصَنَعَها عِجْلاً مسبوكاً ...
فقالوا: هذه آلهتُكَ يا إِسرائيل، التي أَصعدَتْكَ من أَرضِ مصر، فلما رأى هارونُ ذلك بنى مَذْبحاً أَمامَ العجل، ونادى قائلاً: غداً عيدٌ للرّبّ! فَبكَّروا في الغَدِ، وأَصْعَدوا مُحَرَّقات، وقَرَّبوا ذبائح، وجَلَسَ الشعبُ يأكلُ ويشربُ، ثم قامَ يَلْعَب ...
ولما عادَ موسى - عليه السلام - إلى قومِه غَضْبانَ أَسِفاً، لامَ هارونَ لَوْماً شَديداً على ما فَعَلَه، وقال له: ماذا صَنَعَ بك هذا الشعبُ، حتى جَلَبْتَ عليهم خطيئةً عظِيمة.