واعترضَ الفادي المفترِي على ذلك، فقال: " ونحنُ نَسأل: أَليسَ
الأَجْدَرُ أَنْ يُعالَجَ أَمثالُ هؤلاء المذنبين بروحِ الوداعةِ والشفقة؟
والمسيحيةُ لا تأمُرُ بطرْدِ المخطئ، بل بفرزِهِ من الجماعةِ تَخْجيلاً له، ثم قَبولُه والترحيبُ به إِذا نَدِمَ وأَعْلَنَ توبَتَه ".
يَرى الفادي أَنَّ جَلْدَ الزاني عقوبةٌ قاسيةٌ شديدة، فيها انتقامٌ ووحشيةٌ
وعُنْف، لا سِيَّما أَنَّ الجَلْدَ لا بُدَّ أَنْ يكون علنيّاً، وأَن يشهدَه طائفةٌ من
المؤمنين.
ويُفَضِّلُ الفادي عقوبةَ الزاني في الإِنجيلِ على عقوبتِه في القرآنِ، لأَنَّ العقوبةَ في الإِنجيلِ تتمُّ بروحِ الوَداعةِ والشفقة، وتقومُ على فرْزِهِ وفصْلِه
عن الجماعةِ تَخْجيلاً له، وإِذا ندمَ وتابَ يُعادُ إِلى الجماعة!!.
وإِنَّ اعتراضَ الفادي مردودٌ باطل، لأَنه مُوَجَّهٌ إِلى حكمٍ صادِرٍ عن اللهِ،
وإِنَّ اللهَ العليمَ الحكيمَ يَعلمُ أَنه بتطبيقِ هذا الحكمِ يرتدع الزُّناةُ ويتأَدَّبونَ، لأَنهم يخشونَ الفضيحةَ العلنية، والعقوبةَ المرئية، ويحسِبون لها كُلَّ حساب: (وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) .
وبعضُ الذين لا يَخافون من حسابِ اللهِ وعقابِه، قد يخافونَ من الفضيحة، فيتوقَّفونَ عن ارتكابِ الحَرام إِذا نتجَ عنه فضيحة.
ودَعا الله المؤمنين إلى عقاب الزانيةِ والزاني بمئةِ جَلْدَة، ونَهاهُما عن
إيقاف العقابِ بحجَّةِ الرأفةِ بهما: (وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) .
وهذا رَدّ على تَعالُمِ المعْتَرِضين على حُكْمِ الله، من أَمْثالِ الفادي، الذينَ
يَظُنّونَ أَنهم أَرأَفُ وأَرحمُ بالعُصاةِ من اللهِ ربِّهم، فيرفُضونَ حكْمَه، ويُقَدّمونَ
بديلاً له، يَظُنُّونَهُ أَفضلَ..
إِنَّ الأَفضلَ للناسِ هو تطبيقُْ حُكْمِ الله، ولا يُرَبّيهم ويُزَكّيهم إلّا حُكْمُ الله، ولا بَديلَ لحُكْمِ الله..
ونقولُ للفادي وأمثالِه ما عَلَّمَنا القرآنُ: (قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ) .