فالقرآنُ لم يتحدَّثْ عن قَتْلِ المرتَدِّ، والذي أَمَرَ بذلك هو رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.
وذلك في قوله: " لا يَحِلُّ دَمُ امرئ مسلمٍ إلّا بإِحْدى ثلاث: النفسُ بالنفس، والثَّيِّبُ الزَّاني، والتاركُ لدينهِ المفارقُ للجماعة ".
مَن الذي أَمَرَ الإِسلامُ بقَتْله؟
إِنه ليس الكافرَ أَصْلاً، المصِرَّ على كُفْرِه، ولكنه الكافرُ الذي دَخَلَ في الإِسلام، ثُمّ خَرَجَ منه وعادَ إِلى الكفر.
إِنَّ الردةَ دليلٌ على التلاعبِ بالعقيدةِ والإِيمان، والاستهزاءِ بالإِسلامِ والقرآن، والكيدِ ضدَّ المسلمين.
إِنَّ المرتَدَّ يُعْلِنُ بردَّتِه خطأَ الإِسلامِ وبُطلانَه، وهو بردَّتِه يَدعو المسلمين
إِلى الاقتداءِ به، والارتدادِ عن الإِسلام مِثْله!.
والإِسلامُ حَقٌّ وصَواب، ودعوةٌ للعالَمين جميعاً، والمرتَدُّ عن الإِسلام
محاربٌ له بردَّتِه، وصادٌّ عنه، وهذه الجرائمُ استحَقَّ بها القَتْل.
والمرتَدُّ لا يُقْتَلُ فوراً، إِنما يُناقَشُ أَوَّلاً، وتُزالُ الشبهاتُ التي عنده،
وتُقَدمُ له الحججُ والبراهينُ على الحَقّ، وَيُدْعى للعودةِ إلى الإِسلامِ، كل ذلك
بالحكمةِ والموعظةِ الحسنة، فإِنْ رَفَضَ هذا المنطقَ العقلانيَّ الدعوي، وأَصَرَّ
على ارتدادِه وكُفْرِه، فيكون هذا من بابِ العِنادِ والاستكبار، ولا يَعتمدُ على دَليلٍ عقلي مُقْنِعٍ، لأَنَّ الإِسلامَ حَقٌّ يتوافَقُ مع الفطرةِ والمنطقِ والعقلِ السَّليم، وليس فيه ما يَتَصادَمُ أَو يتناقَضُ مع المنطق.
عند ذلك يكونُ ارتدادُه تَلاعُباً وكيداً وحَرْباً للإسلام، ويكونُ جزَاؤُه
القتل.
إِنَّ حريةَ العقيدةِ والدين التي يَتَباكى عليها الفادي المفترِي ليستْ مع
هذا المرتَدِّ عن الإِسلام، إِنما هي معَ الكافِر، الذي لم يَدْخُلْ في الإِسلام
أصْلاً -، فهذا يُدعى للدُّخولِ في الإِسلام بالمنطقِ والحجةِ والبرهانِ، فإن اقتنعَ واعتنقَ الإِسلامَ يكونُ قد فازَ في الدنيا والآخرة، وإِنْ رَفَضَ الدعوةَ وأَصرَّ على كفرِه تركَه المسلمون وشأنَه، من بابِ حريةِ العقيدةِ والدين التي يُنادي بها الفادي، ولا يُجْبِرونَه على الدخولِ في الإِسلام، لأَنَ اللهَ يقول: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)