وهذا لا يُؤَدّي إِلى اعتبارِ العهدِ في الإِسلامِ لا قيمةَ لها، فالإِسلامُ دَعا
إِلى الالتزام بالعهودِ والوَفاءِ بها، والمسلمون من أَكثرِ النَّاسِ التزاماً وَوَفاءً
بالعهود.
كما أنه يَعتبرُ المحافظةَ على الأَرواحِ والدّماءِ من مقاصدِه الأَساسية،
ولا يُجيزُ سَفْكَ دَمِ أَيِّ إنسانٍ أَو إِزهاقِ روحِه إِلَّا بسببٍ مَشْروع، مثل الجهادِ للمُعتَدين، أو تطبيقِ الحَدِّ الشرعيِّ على المجرمين.
***
أَوردَ الفادي المفترِي آياتٍ تتحدَّثُ عن المرتدِّ عن الإِسلام؟
منها قولُه تعالى: (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) .
وأساءَ الفادي فهمَ قول اللهِ - عز وجل -: (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89) .
فهمَ منها أَنها تحكمُ بالكفرِ على المؤمنين الذين تثاقلوا عن الهجرةِ إلى
المدينة.
قال: " والظاهرُ من سورة البقرة أَنَّ مَنْ يرتدّ عن الإِسلامِ إِلى أَيّ دينٍ
آخَرَ يُعتبر كافراً.
والظاهرُ من سورة النساءِ أَنَّ الذين أَظْهَروا الإِسلامَ ثم قعدوا
عن الهجرة، أَوجبَ القرآنُ على المسلمين أَنْ يَقْتُلُوهم حيث وَجَدُوهم، كسائرِ الكَفَرَةِ، فَأَيْنَ حريةُ العقيدةِ والدين؟!
إنها وصمةُ عارٍ أن يُقْتَلَ الذي يرى في الإسلامِ غيرَ الذي يرونه! " (?) .
إنَّ هذه الآيةَ من سورةِ النساءِ لا تَحكمُ بالكُفْر على مُسْلمين لأَنهم
تَثَاقَلُوا عن الهجرة، ولا تَأْمُرُهم بالقتْلِ لمجردِ هذا السَّبَب، كما فهمَ الفادي