الحُجةِ والبُرهان، لا على الإرهابِ والاستبداد؟

وإنْ كانتِ الآيات ُ المكيةُ تَحُضُّ على السِّلْم، والآياتُ المدنيةُ تحضُّ على القتال، فأَيُّ آياتٍ منها أَرسخُ وأَثبتُ؟

وأَيُّها أَنسبُ من حيثُ الإيمانُ والثواب؟.

إنَّ الإِرهابَ يَدْفَعُ للنفاق.

قالَ الشاعر:

أَسْلَمَ الكافِرونَ بِالسيْفِ قَهْراً ... وإذا ما خَلَوَا فَهُمْ مُجْرِمونَ

سَلِموا مِنْ رَواحِ مالٍ وَروحٍ ... فَلَا هُمْ سالِمونَ ولا مُسْلِمونَ

يَزعمُ المفترِي وُجودَ تَعارضٍ بينَ الآياتِ المدنيةِ والآياتِ المكيَّة،

فالآياتُ المكيةُ تحضُّ على السّلْم، والآياتُ المدنيةُ تحضُّ على القِتال " فأَيُّها

أَصْدقُ؟ وأَيُّها يُتَّبَعُ"؟ (?) .

وهذا زَعْمٌ باطل، فالآياتُ المكيةُ سَكَتَتْ عن قِتالِ الكفار، فكانَ قِتالُهم

من الأمرِ المؤَجَّل، الذي لم يَحِنْ وَقْتُ الحديثِ عنه، وليس معنى هذا أَنَّ

الآياتِ المكيةَ كانتْ تَنْهى عن القِتال، وتحضُّ على السَّلام.

وبعدما أَقامَ المسلمونَ مجتمعَهم الإِسلاميَّ بعد الهِجرة، واعتَدى عليهم

الكافرون، أَذِنَ اللهُ لهم بالقِتال، وأمرهم به، وحَثَّهُم عليه.

وأشارَت الآيات ُ المدنيّةُ إِلى ما كانَ عليه المسلمونَ في مكة.

قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ) .

ويَقومُ سؤالُ الفادي على المغالطةِ والاتِّهام: " هل يقومُ دينٌ صادقٌ إلّا

على الحُجَّةِ والبُرهان، لا على الإرهاب والاستبداد؟ "..

ومن المتفقِ عليه أَنَّ أَيَّ دينٍ لا يَقومُ إلّا على الحُجةِ والبرهان.

والإِسلامُ دينٌ يخاطبُ العقلَ والقلبَ والروح، ويقدمُ للناسِ حقائِقَه بالحُجَّةِ والبرهان، والدليلِ المقنعِ الذي يُخاطبُ العقل.

وانتشرَ الإسلامُ في العالمِ بالدعوةِ وليسَ بالسيفِ، وقامَ على الحُجَّةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015