وقد اعترضَ الفادي المفترِي على بَعْضِ مَصارفِ الزكاة، واعتبرَ دَفْعَها لبعضِ
الأَصنافِ المذكورين في الآية نوعاً من الرشوة، التي لا تَتفقُ مع دينِ الله!
قال: " ومَعلومٌ أَنَّ الزكاةَ هي أَحَدُ أَركانِ الدينِ الإِسلاميِّ الخمسة، التي هي: الصلاةُ والزكاةُ والصومُ والحَجُّ والشهادتان.
فهي من صميم الدينِ الإِسلامي، وهي ليستْ مخصصَةً للفقراءِ والمساكين، ولكن يُصْرَفُ منها في أَغراضٍ إِسلاميةٍ بحتة، وصُرِفَ
منها للمؤلَّفةِ قلوبُهم، ولو كانوا أَغنياء، لاستمالتِهم لقَبولِ الإِسْلام، وتُصْرَفُ في شراءِ الأَسلحةِ وتَجهيزِ الجُنْدِ لقتال الكفار، والجهادِ في سبيل الإِسلام ...
وللمسيحيّين كتابُهم المقَدَّس، الذي يَقْضي بتقديم العُشورِ للصَّرْفِ على
الفقراء، وتَعمير الكنائس، وإعالةِ رجال الدين، ونَشْرِ الكتابِ المُقَدَّس ومبادئ المسيحية..
ويُحَرِّمُ الكتابُ المقَدَّسُ الدعوةَ للدّين باستخدامِ المال للاستمالة،
أَو السيفِ للإِرهاب، فأَتْباعُ الدينِ المسيحيِّ قَدَّموا دعوتَه بالمحبةِ والشجاعةِ
والتضحيةِ على مثال المسيح.. " (?) .
يَرى المفترِي أَنَّ إِعطاءَ المؤلَّفَةِ قلوبُهم من الزكاة خَطَأٌ " لأَنه لا يَجوزُ
استخدامُ المال لنشْرِ الدعوةِ أَوْ ترغيبِ الآخَرين، ويَذْكُرُ أَنَّ الكتابَ المقَدَّسَ
يُحَرِّمُ ذلك على المسيحيّين، ويأمُرُهم بالدعوةِ بالمحبةِ والشجاعةِ والتضحية!.
وإِنَّ اللهَ العليمَ الحكيمَ يَعلمُ أَثَرَ المال الإِيجابيَّ في بعضِ النًّفوس،
ولذلك أَجازَ تأْليفَ قُلوبِ بَعْضهم بجزءٍ من مالِ الزكاة، إمّا بترغيبهم في
الإسلام واستمالتِهم وتقريبِهم إِليه، وإِمّا بتحييدِهم أَوْ تَقَليلِ عَداويهم للإِسلامِ والمسلمين.
وليس في هذا شيء، فما زال الناسُ قَديماً وحَديثاً يُعْطون
ويُهْدون، ويُوَثّقونَ روابطهم وعلاقاتِهم بشيءٍ من المال يدفعونَه لهذه الغاية!.
ويَفْتَري القادي عندما يَزعمُ أَنَّ الكتابَ المقَدَّسَ حَرَّمَ على النصارى