لقد اكتفى الفادي بتخطئةِ القرآنِ الذي أَمَرَ بقَطْعِ يَدِه، ولم يَذْكُرْ لنا العقوبةَ الإِنسانيةَ الرحيمةَ الرقيقةَ التي تتفقُ مع الرأفةِ والرِّقَّة، إلّا إذا كانَ الفادي يَرى أَنْ لا يُعاقَبَ السارقُ مطلقاً، لأَنَّ عِقابَه لا يَتفقُ معَ إِنسانيةِ الإِنسان، أَمّا قِيامُه بالسرقةِ والاعتداء على الآخرينَ فلا شيءَ فيه!!.
إِنَّ قَطْعَ يَدِ السارق تأديبٌ له، فاللهُ هو الذي مَنَحَهُ اليَدَ ليكسبَ بها
ويَعتاشَ ويرتزق، ولكنَه حَوَّلَها إِلى أَداةٍ للعدوان، فناسَبَ أَنْ تُقْطَع، وأَنْ تُزالَ القُوَّةُ الباغيةُ التي يَعْتَدُّ بها، ويَعْتَدي بها على الآخَرين، وهو الذي أَساءَ لنفسِه وليدِه، وهو الذي عَطَّلَها عن مهمتِها الإِيجابية، وحَولَها إِلى وسيلةٍ تخريبية، ولذلك أَدَّبَهُ اللهُ بقَطْعِها.
وإِنَّ قَطْعَ يَدِ السارقِ ليس حُكْماً بشرِيّاً قابِلاً للخَطَأ والصواب، والتَّغييرِ
والتَّبديل، وإِنما هو حُكْمُ الله، الذي أَنزلَه اللهُ للتنفيذ، والذي لا يَقْبَلُ التبديل، ولا يَعْتَريه الخطأ، ولا يَقِفُ أَمامَه اعتراضٌ أَو تخطئةٌ أَو اقتراح " لأَنَّ كُلَّ مسلمٍ يوقِنُ أَنَّ ما أَمَرَ اللهُ بِه فهو الحَقّ، وما حَكَمَ به فهو الصّواب! واللهُ الحكيمُ الذي خَلَقَ الإِنسانَ يَعلمُ ما يُصلحُه فأَمَرَ به، ويَعلمُ ما يُفسِدُه فنَهى عنه! ولعله لأَجْلِ هذا خُتِصَتْ آيَةُ الأَمْرِ بقطْعِ يَدِ السارقِ بقوله تعالى: (وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) .
ونقولُ للفادي الجاهل: أَأَنْتَ أَعلمُ أَم الله؟!.
أَمّا زَعْمُ الفادي المفترِي أَنَّ قَطْعَ يَدِ السارقِ عُقوبةٌ جاهلية، وإِحالَتُه على
كتابِ الشهرستانيِّ لنُصَدّقَه، فهذا زُعْمٌ باطل، وافتراءٌ مردود، فلم يكن العربُ الجاهليّون يُعاقبونَ السارقَ أَصْلاً، فَضلاً عَنْ أَنْ يَقْطَعوا يَدَه! ولأَنَّ الفادي صاحِبُ هَوى، فإِنَّه يَبحثُ في كتبنا الإِسلاميةِ عن قولٍ يُوافِقُ هَواه وكَذِبَه، فإِن وَجَدَه سَجَّلَه وفَرِحَ به، كما فَعَلَ مع القولِ الذي نَسَبَه للشهرستاني، ولا يُهِمه إِنْ كانَ صحيحاً أَو باطلاً!.
إنَّ قَطْعَ يَدِ السارقِ عُقوبةٌ إسلامية مُتَمَيِّزَة، تَفَرَّدَ بها الإِسلام، فلم تَرِدْ في
غيرِه منَ المبادئ السماويةِ أَو الأَرضية، وهي حَقٌّ وصَوابٌ لأَنَها من عندِ الله (?) (?) .